الثابت والمؤكد في علاقة البرهان مع سفهاء قحت أنه طردهم من السلطة بعد أن كانوا شركاء لهم فيها النصيب الأكبر بموجب اتفاق كورنثيا؛ كانوا على وشك استلام رئاسة المجلس السيادي بموجب الوثيقة، فحولهم إلى معتقلين ومطاريد.
بعد ذلك رفعوا شعار اللاءات الثلاثة ولكنهم بلعوه ثم وقعوا الاتفاق الإطاري. صحيح البرهان وقع الاتفاق ولكنه لم يذهب فيه إلى النهاية، ولم يسلمهم السلطة كما أرادوا، على الرغم من السفارات وفولكر والدعم السريع.
هناك كذبة رددها وصدقها القحاتة تقول بأن الانقلاب (إنقلاب 25 أكتوبر) فشل وعجز عن تشكيل حكومة ولذلك عاد ووقع معهم الاتفاق الإطاري. ولكن الحقيقة هي أن الدعم السريع كان هو المشكلة والعقبة أمام تشكيل اي حكومة او المضي أي خطوة للأمام، وهدف الجيش من الاتفاق الإطاري ومن الحوار مع قحت هو حل مشكلة الدعم السريع بالدمج، وهو ما صرح به البرهان حين قال الفيصل بيننا وبينهم في الاتفاق الإطاري قضية دمج الدعم السريع. وذلك لم يكن موقف البرهان لوحده ولكنه موقف الجيش.
واقع تعامل البرهان مع قحت في الماضي يقول بأن البرهان ليس لديه ما يعطيه لهم ولا هم في موقع يجعله يسعى للتقرب إليهم؛ فقد أطاح بحكومتهم حينما كانوا يحكمون بوثيقة دستورية وبشرعية ثورة، فما الذي يريده منهم وقد أُصيبوا بالجرب السياسي ونفر منهم حتى الأقلية القليلة من شباب الثورة التي كانت معهم. إذا كان البرهان يطمع في الكرسي فلماذا يجازف بإغضاب مؤسسة الجيش والكتلة الشعبية الكبيرة الداعمة للجيش والمعادية لقحت وللدعم السريع؟ ما الذي يمكن أن يقدمه تحالف قحت-المليشيا لشخص يريد أن يحكم؟ لاشيء سوى السخط الشعبي.
ثم إن فرضية أن البرهان يتلاعب بمؤسسة مثل مؤسسة الجيش ويريد أن يمشي عكس إرادتها وعكس إراداة التيار الشعبي الجارف المساند للجيش في حرب الكرامة، هذه فرضية تتناقض مع الصورة التي تُروج عن البرهان كشخص ضعيف ومتردد. لا يمكن لشخص ضعيف أن يفكر في معاندة الإرادة الوطنية ومصادمتها على هذا النحو الفج والمستفز بالعمل على إعادة تحالف قحت-المليشيا المغضوب عليه من مؤسسة الجيش قبل الشعب السوداني. هذا تفكير لا يتسق مع صفات شخص ضعيف ومتردد.
فكرة فرملة جيش كامل وبلد كامل من أجل مصلحة شخصية على الرغم من أنها فكرة دنيئة إلا أنها تتطلب عزيمة جبارة للمضي فيها في ظل ظروف الحرب والمعطيات السياسية الراهنة.
وإذا كان البرهان قادر على تنفيذها والتغلب على مؤسسة الجيش بكاملها وعلى الإرادة الوطنية الجبارة التي تقف خلف الجيش، مع الأحذ بالاعتبار أن قحت لن تكون أكثر من خدامة تحت أمره ومع إضعاف الدعم السريع وإخضاعه كنتيجة للحرب الحالية؛ إذا كان كل ذلك كذلك،
إذن فالبرهان سوبرمان وهو بالتالي جدير بحكم السودان لأنه تفوق على الجميع؛ الدعم السريع، قحت، الكيزان، الجيش، والشعب السوداني بكل قواه ومكوناته. فلماذا لا يحكم؟
حليم عباس