السيد فولكر هل تسمع الصائحة؟!
واحدة من الآليات المتوقع مساعدتها على إيجاد حل للأزمة في السودان هي بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، والتي بدأت عملها في 2020.
لا يريد هذا المنشور العودة للأخطاء التي صاحبت عمل البعثة منذ قرار تكوينها، ولكنه يريد أن يبين كيف أن آلية بهذا الحجم والتفويض، لم تستطع أن تساهم في صناعة الحلول لأزمة الحرب الراهنة أو إنجاز المهام الموكلة لها، بل شكَّلت هي ذاتها أزمة جديدة،
فقد أرسل البرهان خطاباً للأمين العام للأمم المتحدة في مايو الماضي مطالباً فيه ترشيح بديل لفولكر؛ ودون الخوض في مضمون الخطاب وشكله وافتقاره لمبدأ التتابعية في التعامل مع المؤسسات الدولية المماثلة، إلا أن الخطوات التي تلت ذلك فاقمت المشكلة! وبعد أن أمسى الاحتياج لدور أكثر إلحاحاً لهذه البعثة في ظل الحرب، بات دورها على أفضل الأحوال سلبياً، فقد مدَّد الأمين العام في الثاني من يونيو المنصرم للبعثة، وجدد ثقته في رئيسها فولكر بيرتس، لتعلن الخارجية السودانية في الثامن من ذات الشهر أن الأخير شخصاً غير مرغوب في!
الواقع أن الدور السلبي للبعثة خلال الأزمة الحالية مردَّه لأمرين: الأمر الأول الذرائع التي ظل يتعلق بها البرهان منذ وقت طويل لكي يحد من حركة البعثة ويقزِّم دورها، وهو ما انعكس على أداءها وتصرفات رئيسها حتى أصبح متهماً بين بعض الدوائر المحلية والإقليمية والدولية بالفشل في مهمته.
الأمر الثاني هو أن تداعيات إعلان السودان لرئيس البعثة بوصفه شخصاً غير مرغوب فيه، ظهرت في إبعاده عن السودان وإقامته في دولة كينيا وليس الدولة المعنية(السودان)، ما جعل دوره أقل بكثير مما هو مطلوب.
في ظل هذه الأوضاع، وبعد أن حفظت الأمم المتحدة وأمينها العام، لممثلها ماء وجهه بإصرارها على استمرار رئيس البعثة رغم الخطاب الأخرق الذي بعث به البرهان، ورغم إخطار وزارة الخارجية السودانية للأمين العام للأمم المتحدة بإعلان السيد فولكر شخصاً غير مرغوب فيه،
وبعد أن هدأت موجة الهجوم المنظم والحملات والتظاهرات الموجهة المدفوعة والمغرضة ضده، فعلى السيد فولكر أن يعلن استقالته من منصبه احتراماً لنفسه وللمؤسسة التي يمثلها وللبعثة التي يرأسها، وكي يسمح للأمين العام للأمم المتحدة بتعيين شخص آخر يكون قادراً على لعب دور أكبر في حل الأزمة،
فرئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة كان عليه في ظل الظروف الحالية أن يكون حاضراً في السودان، وأن يكون قادراً على الحركة بين مختلف القوى المدنية السياسية والعسكرية، وأن يخترق الحجب ونيران القتال للمساهمة في الوصول لحل للمعضلة السودانية الحالية، فهذا واجبه الذي يتلقى راتباً من أجله،
وإلا سيكون إصرار السيد فولكر على الاستمرار رغم عجزه البائن واكتفائه بالمؤتمرات الصحفية واللقاءات الإعلامية والإحاطات التوصيفية، مجرد باب رزق يحمد الله على فتحه له، أو مجرد قميص ألبسته له الأمم المتحدة، ويرى في خلعه نزعاً لسلطانها!
Elbarag Elnazir