قرأت تصريح لوزير خارجية كينيا الفرد موتو في تنوير عقده الخميس الماضي لدبلوماسيين غربيين معتمدين في نيروبي طالبهم فيها بعدم التدخل في شؤون بلاده الداخلية وبل مضى أكثر وقال (أن القوى الأجنبية بحاجة إلى الالتزام بالمعايير الدولية التي تحكم العلاقات الدبلوماسية)، وأنا أقرأ هذا التصريح مزهولاً واردد ماذا يجري في كينيا؟ واتذكر فقط قبل أسبوع للدور السالب الذي كان يلعبه الرئيس الكيني وليم روتو في التدخل السافر في الشأن السوداني ونفس هذا الوزير الذي كان يتحدث بوقاحة في شأن السودان وتناوله للأزمة متجاوزاً كل الأعراف الدبلوماسية التي يطالب بها اليوم.
نعود ونواصل في تصريح وزير الخارجية حيث أشار الي أن الحكومة قلقة أيضا بشأن الخسائر في الأرواح وتدمير الممتلكات التي شهدتها الاحتجاجات الأخيرة التي دعا إليها ائتلاف المعارضة أزيميو، وأضاف ’’ لن يأتي الحل أبدًا من الاحتجاجات العنيفة ولكن من خلال الحلول المبتكرة، ندعوكم لتكونوا شركاء فاعلين في هذه الرحلة لإصلاح كينيا، أريد أن أؤكد لكم التزامنا بدعم سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والحفاظ على السلام والأمن‘‘ كدت أن أحذف كينيا واضع في مكانها السودان وأحذف السيد الفرد موتو واضع في مكانه السيد علي الصادق ، أذكر أن الرئيس الكيني روتو كان علق على حرب السودان قائلاً إن تدمير الممتلكات التي تحدث في السودان جراء الحرب -التي تسببت فيها الاتفاق الإطاري- بأنه (أفعال فارغة ) بالحرف قالها هكذا ، وهنا كانت حكومته فقط قلقة من التدمير للمتلكات ولم يكن حديثا فارغاً كما وصف وشمت في حالة السودان.
لم يقف وزير الخارجية الكيني عند ذلك الحد بل حث وكالات الأنباء الأجنبية على التحقق من المعلومات خلال الاحتجاجات مستشهدا بقضية مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، ونُصح الدبلوماسيون بالالتزام بالسوابق الموضوعة دوليًا أثناء التعليق على القضايا.
وهنا ياتي حديثنا حيث إتخذت حكومة السودان قبل شهر تقريباً موقفاً واضحاً من السيد فولكر بيرتس رئيس فريق بعثة الامم المتحدة للمساعدات الفنية للسودان المعروفة اختصارا بيونتامس ورفضت التعامل معه وجعلته شخصا غير مرغوبا فيها، وهذا عرف دبلوماسي معروف، الا إن السيد وليم روتو إحتضنه وفتح له مكتبه في نيروبي وضرب بموقف السودان عرض الحائط وظل هو الذي يتجاوز الأعراف والتقاليد الدبلوماسية وكذلك يتجاوز السيادة الوطنية ولا يتوقف حتى يستضيف شخص غير مرغوب فيه في الأمم المتحدة، والآن يأتى وزير خارجيته ويحتج من أفعال مسؤولي المنظمة نفسها، يا له من درس سريع يعطيه له التاريخ بأن هذا بذاك.
فقد أوضح وزير خارجيته موتوا (إن بيان مكتب الأمم المتحدة لم يكن غير دقيق فحسب، بل كان مضللاً، ويبدو أنه كتب لدعم حملة دعائية …الخ) وهذه الإتهامات مطابقة تماماً لما ذكرته حكومة السودان بخصوص الامم المتحدة سابقاً وتجاهلته الحكومة الكينية هذه واحتضنت اليونتامس في نيروبي ، هل سيتحمل الرئيس وليم روتو أن تفتح أي من دول الجوار مكتب الامم المتحدة في عاصمتها بدلا عن نيروبي مثلما فعله هو للخرطوم ؟ وهل سوف يتراجع بعد ما رأى بعينه عن خطوته في التعامل مع مسؤولي المنظمة المعنية أم إن السودان شي وكينيا شي آخر؟.
أضاف وزير الخارجية في نقده للامم المتحدة أن السرعة التي تسعى بها منظمة دولية كهذه للتحقق بدقة من المعلومات التي نشرت المعلومات الخاطئة، أدت إلى استنتاج واحد فقط، وهو أن البيان كان مع سبق الإصرار، نقول له فقد كتب زميلاً له من قبل في السودان بيانات كثيرة وقدم إحاطات مضللة لمجلس الأمن وبل تعتمد وسوق لإتفاق تجاهل بيان مجلس الامن نفسه الذي نادى بالشمول والاستدامة، قاد اتفاقه هذا لحرب مهد لها مسباقاً بتصريحات مشرعنة للعنف ضد القوات المسلحة.
نتمنى الأمن والإستقرار لكينيا وحفظ سيادتها وعدم التدخل في شوؤنها الداخلية وأن يلتزم مكتب الأمم المتحدة بالدقة في كتابتها لتقارير الأوضاع في كينيا وان تخرج بلاد ثورة الماو ماو قوية ومتوحدة ، كما نتمنى نفس الأشياء أعلاه لدولتنا واقليمنا بشكل عام، وأن يعي الدرس هؤلاء القادة ويتوقفوا من التبجح ونذكرهم بأنه كما تدين تدان وأن الديان لايموت.
مبارك اردول
23 يوليو 2023م