اردول: ورشة في (توغو) تحت فوهات البنادق ماذا تبحث ؟….

ورشة في (توغو ) تحت فوهات البنادق ماذا تبحث ؟….

هل تبحث عن وقف الانتهاكات والهجمات ام للاعتذار عن الجرائم الفظيعة ومحاسبة من تسببوا فيها…؟

تجري هذه الأيام الإعداد لإنعقاد ورشة عمل في دولة توغو تعقدها مجموعة سياسية مرتبطة بمليشيا الدعم السريع ويشاركها قيادات من حركات الكفاح المسلح في دارفور وبعض المثقفين من إقليم دارفور ؟ وقد أشار الى هذه الورشة علانية حديث المستشار السياسي لقائد الدعم السريع في تغريدة على حسابه بعد أن كانت مجرد احاديث راشحة متداولة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وبعيدا عن مجريات الحرب كسباً وخسارة فبالتأكيد الأوضاع السياسية والإقتصادية وحتى الإجتماعية في السودان سوف تشهد تغييراً جوهرياً بعد حرب (15) أبريل فلا الطريقة ولا الوسائل والاليات القديمة ستكون ذو فاعلية كما كانت ، وإن إجراء اي حوار يتعلق بالشأن العام وبإدارة الدولة يجب أن يسبقه إجراءات فعلية في ارض الواقع خاصة في دارفور ، ومن جانب الجهة التي تقاتل ومتهمة بالانتهاكات، وهنا اعني مجموعة الاسئلة التي يجب ان يجيب عليها من يمثلون الدعم السريع كجهة ، هذه الإجراءات تهيئ المشهد له ، وتفتح الباب ليستمع لها ماذا تريد ان تقول، فلا حوار يتم تحت أسنة الرماح وصوت سيطغي فوق اصوات المدافع ولا اخبار ستلوح في الافق اعلى من دخان البارود .

تحدث يوسف عزت في تغريدته عن نظام حكم فدرالي واسع سيم نقاشها من خلال هذه الورشة ، ولكنه فات عليه الاجابة على اسباب تغيب فاعلين رئيسين دارفوريين من هذه الورشة سيما حاكمها الحالي القائد مني اركو مناوي والحاكم الاسبق دكتور التجاني سيسي الدمنقاوي وكبار رجالات السياسية على سبيل المثال لا الحصر الدكتور جبريل ابراهيم والدكتور علي الحاج والدكتور وليد مادبو وبقية قادة الكفاح المسلح مثل عبد الواحد محمد نور ودكتور بحر ابوقردة والاستاذ ابوالقاسم إمام وغيرهم.

تغييب هؤلاء عن الورشة يؤكد انه هنالك تخبط اما في تحضيرها او تعجل في عقدها، وكان يجب ان تسبقها خطوات كما ذكرنا في ارض الواقع يحس بها مواطن الاقليم اولا ومن ثم يبتدر السؤال عن ماهية القضية السياسية وترتيبات الحكم الذي تسعى لمناقشته هذه المجموعة النخبوية.

فواقع دارفور اليوم بعد الانتهاكات الجسيمة التي حدثت في الجنينة وكتم وطويلة والهجمات التي وقعت في الفاشر وزالنجي ونيالا وكاس والحصار في بعض المدن لن يجعل البيئة مهيئة لاي نقاش نخبوي ، ايضا من خلال الأجندة المطروحة في الورشة ليس هنالك تناول لقضايا تجاوب على الأسئلة المطروحة من الشارع الدارفوري اولها قضية الامن والاستقرار والسلام وقضية العدالة وعدم الافلات من العقاب أو التغطية عنها بالمصالحات كقضية مائعة أثبتت عدم جدواها ، بل مهدت لارتكاب فظائع جديدة ، فالورشة ستكون بجهة والواقع في جهة ثانية.

مستقبل مليشيا الدعم السريع وواجهاتها السياسية والمدنية مظلم في السودان ، سياسيا وحتى اجتماعيا ولو لم تحدث مناقشات جدية بعيدا عن الاستهبال السياسي القديم فلا وجدان مشترك وأمآن يجعل التعايش معها كما كان قبل (15)ابريل، وما تقوم به من خطوات الان سياسية وغيرها وعبر مخابراتها إما لتحسين صورتها او لتلويث بقية الاطراف السياسية بأن الجميع غارق معنا او كان ينوي ذلك.

ومن جانب آخر لا يجب أن يعتقد ممن يصطفون مع جانب القوات المسلحة- (ونحن منهم ) وبمافيهم المحايدون من حركات الكفاح المسلح في دارفور – أن أوضاع الحكم والدولة قبل (15)أبريل كانت على ما يرام وينبغي الحفاظ عليها والقتال من أجلها، ليس كذلك وانما كانت دولة لا تمثل ارادة كل سكانها لذلك عاشت الحرب والقتال طيلة هذه المدة، وارتكبت ما ارتكبت من فظائع، ولم تتبنى المجموعة المتمردة من الدعم السريع خطاب تفكيك دولة 1956م وتخلت فجاة عن محاربة الفلول والكيزان الا انها محاولة للتذاكي لانها تعلم ان لهذا الخطاب وقع في آذان قوى عريضة في الهامش وهي التي ظلت تقاتل الدولة المركزية وحشدت لها الملايين واسست لها أدبيات وقدمت من اجله تضحيات وخطاب متراكم، ولكن لان هؤلاء يعلمون ولا يثقون في الدعم السريع والتي استخدمت سابقاً كاداة عنيف لقمع كل من كان ينادي بتفكيك دولة السودان القديم (1956م) لذلك لم يلتفتوا لندائها هذا مطلقا، وفي هذا يجب على كل من يصطفون بجانب القوات المسلحة لنصرتها والمحافظة عليها ان يديروا حواراً تأسيسياً غير تقليدي يؤمن كل المخاوف ويجاوب على الأسئلة الملحة وحتى لا يستغل هذا الاصطفاف لصالح مجموعة سياسية او اجتماعية جديدة.

يجب تأسيس نظام عقد اجتماعي جديد متوافق حوله يحكم به الدولة ويصلح به مؤسساتها ويحقق العدالة الاجتماعية والديموقراطية بعد ان تضع الحرب أوزارها، سيكون هذا اكبر دافع سياسي لاصطفاف جديد للنصر.

ان حرب ال (15) من ابريل هددت بقاء الدولة لذلك بقائها يستوجب المضي في طريق يختلف عن السابق.

وختاما يجب ان تبحث ورشة توغو قبل قضايا الحكم كيفية وقف الانتهاكات والهجمات الدائرة في دارفور وكيفية تحقيق العدالة في هذا الاقليم المنكوب .
مبارك اردول
21يوليو 2023م

Exit mobile version