جاء التحرك المصرى، لعقد قمة لدول الجوار المباشر للسودان فى القاهرة، في محاولة للتوصل لخريطة طريق لحل الأزمة السودانية بجميع جوانبها، خصوصا أن دول الجوار هى الأكثر تأثرا ـ أمنيا واقتصاديا ـ من تلك الصدامات العسكرية، التى أدت لنزوح الآلاف من السودانيين إليها.
جرت على مدى الأسابيع الماضية، اتصالات مستمرة وجهود دبلوماسية مصرية مكثفة للاتفاق على عقد تلك القمة المهمة، وأشار بيان الرئاسة المصرية، إلى أن مصر استضافت فى 13 يوليو الحالى، مؤتمر قمة دول جوار السودان، لبحث سُبل إنهاء الصراع الحالى والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة فى السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى.
وأكد البيان على حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى ظل الأزمة الراهنة فى السودان، على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المُباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السودانى، وتجنيبه الآثار السلبية التى يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار، وأمن واستقرار المنطقة ككل.
السفير على الحفنى، نائب وزير الخارجية الأسبق، يؤكد أن قمة دول جوار السودان مهمة، حيث تلتقى تلك الدول لبحث الأوضاع فى السودان، لأن تلك الأزمة تهم تلك الدول وتؤثر عليها بالدرجة الأولى، لأن أمن تلك الدول القومى مرتبط بالأمن القومى السودانى، وكل دول الجوار السودانى لديها مصلحة فى وقف الأعمال العسكرية، ويهمها وقف نزيف الدم الذى يدفع ثمنه الشعب السودانى، ويؤثر بالسلب على دول الجوار، والدليل هو الأعداد الكبيرة من النازحين السودانيين الفارين إلى دول الجوار، بسبب استمرار الصدامات المسلحة، الأمر الذى يؤثر بالسلب على اقتصاد دول الجوار، ولهذا يجب أن تقوم تلك الدول بتحرك جدى، خصوصا مع استمرار الصدامات منذ نحو ثلاثة أشهر.
يضيف، كانت هناك فرصة لأطراف أخرى، ومنظمات لمحاولة التدخل لوقف الصدامات ووضع مبادرات لوقف الحرب، مثل منظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقى وأطراف أخرى، إلا أن كل تلك التحركات والمبادرات لم تسفر عن نتائج حتى الآن، ولهذا كان لابد من تحرك مصر مع دول الجوار للاجتماع فى قمة مهمة، لمحاولة التوصل لخطوات لوقف الصدامات العسكرية حتى لا يتم ترك الأمور فريسة للفراغ، بل تحاول مصر مع دول الجوار ملء هذا الفراغ، وتحفيز الأطراف السودانية على التفاوض.
ويؤكد أن دول الجوار لن توجد حلا بديلا للسودانيين، بل إن الحل لابد أن يأتى من داخل السودان وعلى أيدى السودانيين أنفسهم، لكن قمة دول الجوار ستحاول تهيئة الأجواء لوقف نزيف الدم، واستعادة حد أدنى من الاستقرار، يسمح بالعودة إلى مائدة المفاوضات، والتفاوض حول النقاط الخلافية، مشيرا إلى أن دول الجوار تسعى لمنع أى تدخلات لأطراف أجنبية لديها أجندات، ومطامع لا تتفق مع مصلحة السودان، ولا مع مصلحة دول الجوار، فهناك أطراف تسعى خلف ثروة السودان المعدنية أو الغذائية، ولهذا فإن هذه القمة مهمة جدا لعدم ترك الآخرين يعبثون بمستقبل السودان، وهى دولة مهمة فى المنطقة، وبالتأكيد فإن استقرار السودان يمثل عامل استقرار لمصر، ودول الجوار السودانى، ولهذا فإن مصر ودول الجوار تسعيان لإيجاد انفراجة فى الأزمة السودانية، وعدم ترك الشعب السودانى ضحية لتلك الصراعات، وسيتم فى القمة تبادل وجهات النظر لتحقيق مصلحة الشعب السودانى واستقراره.
ويشير إلى أن دول الجوار ستستفيد من الجهود، التى بذلتها أطراف أخرى لحل الأزمة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وأسباب إخفاقها، وتسعى بكل حيادية للتقريب فى وجهات النظر بين الأطراف السودانية. ويوضح السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن توقيت قمة دول الجوار مهم، نظرا لأن الأوضاع فى السودان، تتجه إلى مزيد من التدهور، وامتداد الصراع إلى الولايات السودانية فى الأطراف، حيث توجد فيها أوضاع هشة بشكل كبير، وبها صراعات ذات طبيعة مختلفة عن الصراع الدائر فى الخرطوم، حيث يغلب الطابع الإثنى أو العرقى داخل الولايات فى أطراف السودان، وهناك توجهات داخل بعضها نحو حكم ذاتى واسع لتحديد مصير، الأمر الذى قد يؤدى إلى انفصالها، وهو أمر فى غاية الخطورة، وأمر يمثل تهديدا لأمن واستقرار دول الجوار، التى تتحمل أيضا أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية.
ويؤكد أن ما يجرى فى السودان، وتأثيره على دول الجوار يمتد أيضا إلى منطقة البحر الأحمر، ومنطقة الساحل والقرن الإفريقى، ولهذا فمن المهم أن تكون هناك مبادرة جديدة فى قمة دول الجوار، تختلف عن المبادرات التى تم طرحها أخيرا من أطراف أخرى، بحيث لا تسعى فقط لوقف الحرب والتركيز على المسار المسلح، مثل كل المبادرات والاجتماعات السابقة، سواء فى السعودية أم الولايات المتحدة، وكلها مبادرات لم تفلح حتى الآن فى تحقيق الهدف بإيقاف الحرب والصراع المسلح، لكن أيضا يجب أن تتأسس مبادرة دول الجوار بناء على اختيارات الشعب السودانى، ويتم تناول الأزمة السودانية من كل جوانبها سواء المسار الإنسانى أم العسكرى أم السياسى، من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، وأن يتم تمثيل جميع أطياف المجتمع السودانى.
يعرب السفير صلاح حليمة، عن اعتقاده بأن الشعب السودانى قد يفضل دمج قوات الدعم السريع أو حلها، و إجراء عملية إصلاح وتحديث، وكلها أمور يجب التفاهم حولها بين أطياف الشعب السودانى، ويجب إيجاد آليات تشرف على المسار السياسى، وتتسم بالشمول، وأن تتم الاستفادة من المبادرات السابقة، والبناء على ما تم إنجازه فى المبادرات الأخرى.
“بوابة الأهرام”