وسط انشغال العالم بالحرب فى أوروبا، أو التجهيز لترتيبات عالمية جديدة، أوكرانيا – روسيا التي تقترب من عامين، وأصبح الجميع منهمكًا فيها، استنزاف روسي لا حد له، لم يحدث في تاريخها المعاصر، واستقطاب حاد بين الأوكرانيين والروس، بعد مرور 500 يوم على حرب عبثية لا طائل منها، وسقوط نصف مليون أوكراني، ومثلهم روسى.
الخوف يتسرب أن تصبح حربًا منسية، فالمشغولون بأنفسهم، الأمريكيون والصينيون والأوروبيون ستجعلهم مرتاحين للاستنزاف في شرق أوروبا، الذي يدعم الناتو، الذي يجتمع الآن على حدود روسيا، مع فنلندا، مدينة روسية قديمة، فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، الحرب المشتعلة في أوروبا، جعلت الناتو، الذي كان يحتضر قبل عامين، أقوى من أي فترة أخرى في تاريخه.
الأمريكيون يمدون الأوكرانيين بالقنابل العنقودية المحرمة، وكأنهم يريدون مزيدًا من الحرب، ولا يريدونها أن تتوقف، إنه تدريب حي على الأسلحة بكل أنواعها، وقودها الروس والأوكرانيون والأموال والأسلحة الطائلة، والأزمات الاقتصادية والوقود والغذاء، لا عزاء لمن يحتاجونها، وعليهم أن يتكيفوا ويغيروا عاداتهم الغذائية الشرائية بعيدًا عن روسيا وأوكرانيا معًا.
الحروب هناك يوجد من يؤيدها فى عالمنا، ويبدو أن لوبي الأسلحة قد أصبحت شهيته واسعة لإدخال مناطق جديدة في بؤرة الصراع.
أحسنت مصر، عندما سارعت لاستضافة دول الجوار السوداني لإنهاء الصراع الذي لا يدمر السودان وحده، لكن يبدو أنه يستقطب مقاتلين في كل إفريقيا، ليقاتلوا في السودان، والأزمة ليست حربًا أهلية سودانية فقط، بل قد تكون حربًا إفريقية بين العرب والأفارقة في الخرطوم.
شهية الحرب في السودان مخيفة، ويبدو أن اتساعها يحقق مصالح دولية وعالمية في التغييرات التي تحدث على المسرح العالمي، وهذا ما يفسر غياب التأثير العالمي، سواء كان أمريكيًا أم أوروبيًا، أم صينيا، لوقف الحرب الدائرة في السودان.
قد تتحول إذا لم تتدخل دول الجوار، إلى حرب دائمة، تلتهم كل شعوبنا العربية والإفريقية، ولذا فإننا ندعو من كل قلوبنا الإخوة السودانيين، إلى إعادة ترتيب الأمور الداخلية في السودان، وقد تم فعلًا خلط كل الأوراق، على المسرح السوداني، فهناك الدينيون من الإخوان والسلفيين، يقاتلون في صفوف الطرفين.
آمالنا وتطلعاتنا أن يتدخل كل العقلاء في السودان، لوقف الحرب، ثم إعادة ترميم الوضع السوداني الشائك، بكل تداعياته المخيفة، حرب السودان، هي حرب القارات، حرب الأديان، حرب العرقيات، وكلها من أصعب وأدق الحروب، وعلى كل من يشعلها، أو يساعد فيها، أن يدرك أنها سوف تطال الجميع، ولم يعد أمامنا من حل إلا وقف هذه الحرب العبثية والمخيفة، وإنقاذ المنطقة العربية والإفريقية، والقرن الإفريقى.
لا ثروات هناك ستبقى، أو ستنفع بعد هذه الحرب، ولا مزايا ستتحقق لأي طرف على مسرحها، ولا السلطة يمكن الحفاظ عليها، الحرب السودانية مرشحة لخسارة الجميع لها، والمتفرجون كذلك، سوف يخسرون، يجب ألا نخسر السودان، والسودانيين، فهما جواهر للعرب والأفارقة معًا، السودان جوهرة إفريقيا، والسودانيون كذلك، ويجب الحفاظ عليهما، الحفاظ عليهما يعني الحفاظ على العرب والأفارقة معًا.
هذه صرخة عسى أن تجد صداها في قمة دول الجوار، وللجامعة العربية، ولمنظمة المؤتمر الإسلامي، وللأمم المتحدة، هذه حرب خطيرة، لأنها في منطقة أخطر، وبين شعوب وقبائل بينها الكثير من الشجن، والمخاوف القديمة، وتفجر الصراعات بينها وعدم وقفها، مخيف للجميع، فهل هناك من يسمعنا؟
اسامة سرايا – “بوابة الأهرام”