الجنجويد وسياسة المرتزق النافع

يوم 13 أبريل كتبت منشورا عن العميد الخائن أحمد محمد عمر يتضمن اسباب فصله من القوات المسلحة وإستغلاله لذلك الفصل سياسيا بإنضمامه لمعتصمي القيادة العامة في أبريل 2019 ثم انضمامه لاحقا للدعم السريع ، وقد كان رأس الرمح في عملية إنقلاب 15 أبريل المشؤوم بقيادته للقوة التي تمركزت بالقرب من قاعدة مروي الجوية وأحتلتها لاحقا .
يوم 14 أبريل وقبل اقل من 24 ساعة من ساعة صفر الإنقلاب الجنجويدي أرسل لي العميد الخائن عبر الماسنجر رسالة يهدد فيها باللجوء للمعلوماتية بسبب ما كتبته عنه ، ما يعني رغبته في التقاضي أمام القانون وهو سلوك سليم لكنه يكشف عن بعد المذكور عن دائرة القرار الداخلي لمنظومة الإنقلاب والتي إن كان قريبا منها لن يهدد بالتقاضي وإنما بإجراء آخر يشبه قانون الجنجويد السائد الآن .

هذا الأمر يشير إلى أن الضباط الخونة من المنتدبين من القوات المسلحة للجنجويد والمؤلفة قلوبهم من السياسيين (إلا قليلا) لم يكونوا جزءا من التخطيط للإنقلاب الجنجويدي على الدولة فهؤلاء يمكن تقسيمهم لمجموعتين :

المجموعة الأولى أشخاص خارج دائرة التخطيط ومكلفين بتنفيذ مهام محددة (بشكل منفصل) وأي مهمة هي جزء من لعبة كبيرة يديرها (مايسترو) واحد يكلف كل أحد بدور مختلف ليحصد عملية (واحدة) متكاملة تنتجها أدوار متعددة منفذي كل منها لا يعلمون عن أدوار بعضهم شيئا ، وفي ذات الوقت هم مكملين لبعضهم في أفضل شكل من أشكال تضافر الجهود وتكاملها .
أما المجموعة الثانية فهم الذين تم إطلاعهم على دقة التخطيط وضخامة الموارد المادية والبشرية وتوفر الدعم والإسناد للعملية ككل ، ثم تم تخييرهم بين إختيار الطرف الرابح او تحمل تبعات المخالفة والتي تشمل كروت ضغط متعددة وإبتزازهم ب (جمائل) قديمة قُدمت لهم ، ثم أوكلت لهم مهام أن يكونوا (سلبيين) لا أكثر ، ولاحقا تم إدخالهم لحظيرة الدعم مرغمين .

فإذا كان هذا حال القادة والصفوف الأولى من السياسيين والعسكريين فكيف بحال من هم دونهم؟؟ وللإجابة على هذا السؤال سأذكر حادثة محددة بطلها احد الكوادر الكيزانية الوسيطة ، شخص انضم لهيئة العمليات بجهاز الأمن وبعد حلها انخرط في صفوف الجنجويد ثم سافر لليمن وعاد وشارك في الإنقلاب ، بعد الإنقلاب بأسبوع أتصلت به لأسأل عن حاله ولم أكن أعرف أنه لا زال في صفوف المليشيا ، سألته لماذا؟؟ فأجابني بأنه تحرك صباح السبت على أساس ان الجيش هاجم معسكرات الدعم السريع ويريد إبادتنا جميعا فكنا في حالة دفاع عن النفس ، وكنا متيقنين أن الموضوع محسوم لصالحنا ، ثم ماذا ؟؟ قال لي : فات الأوان .. فعرفت من حديثه أن كثير من جنود المليشيا تم قدحهم بالدعاية الأولى للحرب ثم أعطتهم الحرب نفسها حافز الإستمرار بالقتل الذي حدث فيهم ، وكأنهم قد أستلفوا شعار (يا نجيب حقهم ، يا نموت زيهم) فصار الموت في حد ذاته (غاية) لهم كما هو (وسيلة) لصعود غيرهم ..

خلاصة الأمر ، يمكننا القول أن هذا الإنقلاب لم يكن ليفشل لولا إرادة الله الغالبة ، فكمية الخيانة التي تعرضت لها القوات المسلحة وفوارق العدد والتسليح والتمويل والغطاء السياسي والدعم الدولي والآلة الإعلامية المساندة ، كل هذه الأشياء تجعل من المستحيل أن يفشل إنقلاب الجنجويد ، ولو كان حميدتي يشك ولو بنسبة واحد من مليون في المية أن هذا الإنقلاب سيفشل لما قام به من الأساس ولفضل أن يعود الدعم السريع فصيلا تابعا لحرس الحدود من أن يخوص هذه المغامرة الخاسرة .

يوسف عمارة أبوسن
11 يوليو 2023

Exit mobile version