عمرو صالح: الحرية والتغيير وسوء المنقلب

يا أخوانا بصورة جدية في رايك شنو البيخلي الحرية والتغيير تنتهي النهاية دي؟! من القيادة السياسية لثورة من أعظم الثورات إلى معارضة منفى متحالفة مع الدعم السريع؟! ودا دلالته شنو في طبيعة الاجتماع السياسي ودرسه شنو للشعب السوداني الذي ظل ثائرا من ١٨٢١؛ الشعب الأبو القاسم حاج حمد قال عنه “أعطى ثم أعطى ثم أعطى ولم يجد شيئا”؟!؛ الشعب اللي كل ثوراته بدل على قدرته على إنهاء الديكتاتوريات وفشله فشل ذريع في بناء الديمقراطيات؛ أكتر شعب عمل ثورات في المنطقة وثوراته لم تعدُ كونها انتفاضات تغير شاغل جهاز السطلة ولا تغير طبيعة جهاز السلطة الاستعماري الذي ظل يثور ضده. النتيجة المفروض نصل ليها إنو الجريمة الارتكبتها قوى الحرية والتغيير في نحر الثورة دي جريمة كبرى لكن جريمة جماهير الثورة في حق ثورتها لا يقل عن جرمها.

لاحظ مثلا الحرية والتغيير طلعت شعار الجيش ما جيش كيزان الجيش جيش السودان وهي الودت الجماهير دي للقيادة العامة عشان الجيش يشيل ليهم الكيزان وقد فعل؛ شال البشير والطبقة السياسية للنطام ممثلة في المؤتمر الوطني ودخلهم السجن وشال ليهم بعداك ابن عوف وكمال عبد المعروف وعمر زين العابدين وصلاح قوش. الحرية والتغيير شاركت الجيش دا نفسه وكونت معاو لجنة تفكيك التمكين. والراعي في الخلا يدرك إنو البرهان أكبر مهدد ليو في الجيش الكيزان وكان سنويا بينزل لست منهم المعاش. والحرية والتغيير لمن مسكت السلطة أصلا ما طرحت قضية كيزان الجيش دي. حاليا دعاية الإعلامية كلها جات اتبنت على النقيض وإنو الجيش دا كيزان وهم متحكمين في البرهان دا وهم البدوا الحرب. ناهيك عن تفتيت قوى الثورة وإقصائها وتقليص التحالف دا لشلة، وتشكيل حكومة محاصصات حزبية في انتقال كسابقة لم تحدث في تاريخ السودان مخالفة حتى للبند التاني من بنود الإعلان الواثقت عليو الجماهير. وناهيك من إنها ما عملت ولا كانت حريصة على انجاز ملف تأسيسي واحد في الانتقال، فما عملت مفوضية واحدة لانجاز مهام الانتقال الكبرى زي العدالة الانتقالية ولا الحكم المحلي ولا إصلاح الدولة ولا التنمية ولا غيرها. لكن كذب مستمر وتناقض مستمر بلغ الدرجة إنها تقفل الكباري في وجه الثوار. وأي انجاز حصل في الانتقال دا على مستوى الاقتصاد ولا العلاقات الخارجية عملو حمدوك اللي ما خلوهو يشتغل زاتو ونطو ليو في حلقه وكاوشو.

وحسع في الحرب دي موقف الحرية والتغيير ما طبيعي إطلاقا. البيكشف ليك زيف موقف الحياد دا أولا إنو بحكم الانتهازية السياسية الحرية والتغيير كان عندها خيار تصطف مع الجيش وهنا كان حتلقى نفس سلطوي كبير جدا في المستقبل القريب لأنها كان حتكون الرافعة الأساسية لانتصاره وبالذات لكونها الطرف التالت المدني في آخر عملية سياسية انتقالية معترف بيها العالم والأقليم عبر الثلاثية والرباعية. اتخيل أدواتها الإعلامية الرسمية وغير الرسمية كانت كلها ساندة الجيش بدال نسند الدعم السريع؟! السؤال لي الحرية والتغيير من باب انتهازيتها السياسية بس لي ما قدرت تقيف الموقف دا؟! تانيا حتى لو حددت إنو مصالحها السلطوية الانتهازية مفروض توقفها ضد الحرب على الحياد من الطرفين، هنا البيفضح ليك موقفها موقف زي موقف الحزب الشيوعي مثلا. اللي هو موقف ضد الحرب لكن ما بيعمي على انتهاكات الدعم السريع. بمعنى آخر، شنو كان البيضر الحرية والتغيير لو إنها أدانت بيان الدعم السريع وقالت دا تصعيد ما مبرر وأدانة انتهاكاته جنبا إلى جنب مع انتهاكات الجيش؟!

الموقف دا الكعب فيو شنو؟! لي العوارة بتاعت قوى مسلحة وقوى تزعم وكمان التدليس زي ما حصل مع تقرير سليمى؟! الجابر الحرية والتغيير على الموقف دا رغم الضغط الشعبي شنو؟! الإجابة الأقرب لتفسير الحاجة دي إنو في قيادات من الحرية والتغيير كانت داخلة لي شوشتها في الانقلاب دا والدعم السريع والإمارات عندهم روافع عليهم وبذات القدر عندهم نفوذ قوي على قواعد الأحزاب دي. وهنا للأسف الأحزاب دي مؤسسات ضعيفة قواعدها بدور كليا في فلك قيادتها. التفسير دا هو الأقرب وبالذات بعد رحلة عنتبي دي وتصريحات موسيفيني. الرحلة دي انتهت كليا من ماء وجه الحرية والتغيير السياسي وكأنها قنعت أساسا من موقف الحياد وربما لأن ليس بيدها الإرادة لفعل غير ذلك!

الدرس المستفاد للشعب السوداني إنو نحن ما حننتهي من دولة محمد علي باشا لوما أنتجنا مؤسسات استيعابية تعبر عننا بكامل المؤسسية والشرعية؛ لن تنجح ثورة للسودانيين وبينهم وبين هذه الدولة سمسار ووكيل ما بعد استعماري. الأحزاب السياسية السودانية من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها سلطوية تختلف من حيث الدرجة وليس النوع وعلى سلطويتها مندرجة في صراع صفري على ذات الدولة التي نريد فراقها. الانتقال التأسيسي البيعبر بالسودان دا هو انتقال تديره أجسام شرعية ديمقراطية مربوطة عضويا بالجماهير ما عبر الوكالة وبتمثلها تمثيل حقيقي بالانتخاب ما الاتباع؛ غير كدا لا أنت ولا أنا أقوى من منطق دولة محمد علي باشا ولا أقوى من الروافع الاقتصادية والسياسية لمصالح الأقليم والعالم. وعليه، السؤال ما إنو الحرية والتغيير بتمثلنا ولا لأ؟!

لأنو أصلا دا تمثيل بالوكالة لأنك ما عندك طريقة تقعد مع قياداتها ديل تحاسبهم في اجتماع شفاف مكتمل النصاب؛ كتيرك تلاقيهم في الندوات وتشاغلهم بي هاشتاقات في الفيسبوك. السؤال أنت حتقرر تمثل روحك في مؤسسات بتعبر عنك حقيقة متين عشان تجيب قيادة بالتمثيل ما الوكالة تقدر تحاسبها وتسائلها وتغيرها؟!

الحرية والتغيير ما بتمثلنا لكن الإشكال في جذره إنو بدال الزول العندو مصلحة في التحول الديمقراطي والتنموي يمثل روحه على أساس سكن ولا عمل ولا ملكية إنتاج يكتفي بي إنو فعله السياسي يكون هاشتاق في الفيسبوك يا قول لي ناس انتو بتمثلوني يا إنتو ما بتمثلوني وهو ما داير يمثل روحه. أها يلا في ديسمبر دي الطبقة السياسية السودانية حرقت جت عليها، وفضلنا نحن في السهلات ليس فيها ما يمثلنا ولا لو ظهر حزب جديد حيمثلنا لأنه سينتهي إلى ذات مصير الحرية والتغيير لأنك ما أقوى من البنية. البنية فيها دولة استعمارية قوية ومجتمع ضعيف وفاعل حزبي في النص دايما حيشده الطرف القوي ومصالح الأقليم والعالم الما دايرة السودان ابتداء يبقى دولة قوية ناهيك عن دولة ديمقراطية وصناعية.

فالبيمثل المصالح التأسيسية حقيقة تنظيمات لا تشغل جهاز السلطة ودورها الأساسي هو المساءلة والمحاسبة والرقابة على الطبقة السياسية؛ تنظيمات بتمثل المجتمع بكل تنوعه، تنظيمات شرعية التمثيل وديمقراطية التداول ومنضبطة حوكميا. الديمقراطية دي حااارة لو ما قبلناها ومارسنا في المجتمع السماء لن تتنزل بها على الدولة. وسلطوية الأحزاب السياسية والمؤسسة العسكرية في جوهرها انعكاس عميق لسلطوية الاجتماع السياسي السوداني.
خليك من البيمثلك منو والما بيمثلك منو: السؤال أنت ما داير تمثل روحك لي؟! كم هو المطلوب من الدماء والخيبات والحروب وفشل الانتقالات حتى نتفعل سياسيا في هذا الاتجاه؟!

عمرو صالح يس

Exit mobile version