تواترت أ خبار مبشرة عن انتصارات ساحقة للجيش على المتمردين وتنظيف جيوبهم في أم درمان وعدد من المناطق في الخرطوم والخرطوم بحري خلال اليومين الماضيين ، لتعزيز هذه الانتصارات لابد من عودة الحياة المدنية إلى طبيعتها في المناطق التي تم تأمينها، فالمفهوم الشامل للأمن ليس القضاء على العدو وهزيمته عسكريا فحسب ولكن الأمن يشمل الأمان المعيشي للمواطن بعودة أجهزة المحليات للعمل، فكثير من المناطق تضررت بتوقف الخدمات الشرطية وخدمات المياه والكهرباء وتوفر السلع الضرورية بعد نهب وحرق المتاجر والأسواق إضافة لخدمات النظافة وصحة البيئة، خاصة وقد بدأت تباشير الخريف لهذا الموسم ..
اذن لابد من السرعة في تقديم هذه الخدمات المهمة بواسطة غرف عمليات موازية لعمل الغرف العسكرية التي تعمل جاهدة مواصلة الليل بالنهار لدحر التمرد…
هناك معركة ضروس تنتظر أجهزة الخدمة المدنية لتسيير دولاب الحياة والعودة التدريجية لما كان عليه الحال قبل الحرب.. لا أتحدث عن إعادة إعمار، فالدمار الذي احدثته الحرب جد هائل ويحتاج إلى كلفة عالية وإلى متسع من الوقت وهذي معركة أخرى هذا ليس أوانها.. ولكن ما أقصده هو توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة للمواطنين الذين رابطوا في أحلك الظروف معرضين أنفسهم لكل أنواع المخاطر.. من الواجب إغاثتهم، ليس عن طريق المنح والدعم المباشر فقط ولكن بإعادة الحياة إلى طبيعتها بسرعة حتى يتمكن الناس من قضاء حوائجهم بسهولة ويسر في كافة المناحي وحتى يعود النازحين إلى ديارهم..
فالخروج من الخرطوم لم يكن بسبب القتال والاشتباكات فقط، بل كان أيضا بسبب الشلل التام للحياة وشظف العيش الذي عاشه انسان الولاية في تلكم الأيام العصيبة..بعودة الحياة إلى طبيعتها في الخرطوم تسد الثغرات تلقائيا، فسيلزم كل رب أسرة منزله وكل تاجر في متجره وكل موظف في مكتبه وستضيق الأرض بما رحبت على كل متمرد ولن يجد له موطئ قدم أو متكأ ليكون وكرا له يهدد به حياة الناس الآمنة المطمئنة،كما ظل يفعل منذ بداية الحرب في الخرطوم.
د. محمد بشير عبادي