لفتني إنو من عجائب يوميات حرب إبريل إن (الكيزان) مبسوطين من (عقار) لأشياء كتيرة ومن ضمنها زيارة (روسيا)! الحرب دي طبعا قاعد تخلق في اصطفافات جديدة كرت. ودا مفيد في تدشين عهد تسود فيو العقلانية السياسية اللي هي شي مختلف من البراقماتية والانتهازية السياسية.
لكن بالمقابل شباب المقاومة عدد ما بسيط منهم عرف العدو في لحظة تاريخية معينة بعساكر اللجنة الأمنية والدعم السريع والكيزان، والصديق في الحرية والتغيير. وحسع الشغلة جاطت فوق تحت. فعشان كدا موقف جزو ما بسيط منهم مضطرب في الحرب دي.
الإشكال هنا بيتجسد في تلاتة حاجات: أولا، فهم للسياسة لا يميز بين الفعل السياسي والفاعل السياسي. فهم محدد ما مجرد. ودا ما حاصل لأنو تقييم الفعل بمعزل عن الفاعل بيتطلب تعريف مجرد للمصلحة متجاوز للفاعلين السياسيين. بمعنى آخر، الناس ما عرفت أفعال الكيزان الكعبة وحددت مشكلتها معاها لكن مشكلتها كانت مع الكيزان في روحهم ودا الما خاليهم يشوفوا إنو فعل لجنة تفكيك التمكين فعل غلط حتى لو عملته الحرية والتغيير الصديقة ضد الكيزان الأعداء. هو ما شايف إنو فعل الكيزان الخطأ كان إنو بيقصوهو عشان يدرك إنو هو فعله البيتجاوزهم مفروض ما يكون فيهو إقصاء. وهكذا!
أما السبب التاني فهو اختلال في الوعي التاريخي بالأزمة السودانية يرى أن تاريخ السودان بدأ من ٢٠١٩ وبالكتير ١٩٨٩؛ مضاف إلية وعي ضعيف جدا وحساسية مدنية بقضية زي السيادة والإرادة الوطنية والأمن القومي وإنه في حاجات كبرى زي الأمن القومي مفروض بالكامل تتجاوز في لحظة ما دونها من الصغائر. حسع الحرب دي ما شكلة كيزان مع قحاتة لكن قضية سيادة وأمن قومي في الأساس. وهنا للأسف الثورة بأعدائها وأصدقائها عرفت الوطن لي ناس كتيرين واحتجزت تعريفه في ٢٠١٩. يغفل هذا النموذج الإرشادي لقراءة التاريخ أن السودان كوطن لم يعرّف بعد وأن ثوراتنا كلها فشلت لأنه لم يكن هدفها الأول والأخير تعريف الوطن الذي لم نعرِّفه من ١٩٥٦!
أما الشي التالت بيعبر عنو مالك بن نبي في كتابه أزمة الثقافة فيما أسماو ضعف المنطق العملي في شعوب ما بعد الاستعمار أو ما يسميه إنسان النصف. تلقى الزول داير في اللحظة دي يقفل العداد. يقول ليك هو ضد اللجنة الأمنية وضد الجيش وضد الحرب وضد الجنجويد وضد الكيزان. دا دالة في إنو أهداف التغيير ما معرّفة إجرائيا وما ممرحلة تنفيذيا وما معروف ياتو شي ممكن يتحقق بي ياتو فعل ومتين وممكن اتحالف مع منو ضد منو عشان أنجز ياتو هدف متين. يعني هو مشكلته مع اللجنة الأمنية أو الجيش والدعم السريع. ما قادر يشوف إنو في واحد عشان يتخلص منو محتاج للتاني وبس مكتفي بي إنو شايفهم الاتنين كعبين. وفي ذات المنحى مثلا، تلقى الزول بيطلع بي قيمة إنو الحكم مفروض يكون مدني مواكب كل يوم، لكن ما سأل روحه إطلاقا شنو المطلوب تعملوا عشان خصمك دا يسلم السلطة للمدنيين؟! المدنيين اليسلمها ليهم ديل منو وعشان يعملوا شنو؟! ويسلمها ليك بي ياتو وجه حق؟! وشنو الخطاب المفروض تنتجه عشان تهزم خطاب خصمك؟! دي حاجات كلها بتقول إنو في منطق عملي مفقود ودا دالة في عقلانية تقليدية في مقاربة السياسة دايرة تصدر الأحكام الأخلاقية استنادا على منظومة أخلاق توصيفية بتقيم الفاعل السياسي وفعله اعتمادا على وصفات أخلاقية جاهزة بضع علامة صح أو خطأ، ما استنادا منظومة أخلاق معيارية بتجتهد ذهنيا في توصيف الحالة الماثلة عشان تطلع بحكم أخلاقي عقلاني محدد عليها استنباطا من مبادئ أخلاقية مجردة، بي طريقة تخلي الحكم على حالة معينة في ظرف ما ممكن يختلف عن الحكم على نفس الحالة في ظرف مختلف.
عمرو صالح ياسين