بخطوات حثيثة تتجه بسلطنة عُمان نحو الانضمام إلى مصاف كبار المصدرين للهيدروجين الأخضر حول العالم، في إطار استراتيجية لريادة تصدير أهم مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، في ضوء محدودية احتياطيات السلطنة من النفط والغاز.
وتمثلت آخر هذه الخطوات في توقيع شركة هيدروجين عُمان “هايدروم”، في 20 يونيو/حزيران، اتفاقيتين لتطوير مشروعين جديدين لإنتاج الهيدروجين الأخضر في محافظة الوسطى مع كلٍّ من تحالف “بوسكو-إنجي”، وتحالف “هايبورت الدقم”، بقيمة استثمارية إجمالية تقارب 10 مليارات دولار.
واستعرض آخر تقرير حالة مشترك لوزارة الطاقة العُمانية ووكالة الطاقة الدولية، الصادر في 11 يونيو/حزيران، الإمكانات التنافسية للطاقة المتجددة في السلطنة، مشيرا إلى أن الحكومة العُمانية خصصت مساحة تتجاوز 50 ألف كيلومتر مربع في محافظتي الوسطى وظفار، لمشروعات الهيدروجين الأخضر، على أن تُطرح على عدّة مراحل، بالإضافة إلى 15 ألف كيلومتر في المحافظات الأخرى لمشروعات الطاقة النظيفة.
ويتوقع التقرير أن تصبح عُمان واحدة من أكبر مصدّري الهيدروجين على مستوى العالم بحلول عام 2030، ضمن مساعي الدولة الخليجية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، بالإضافة إلى خفض اعتماد اقتصادها على عوائد النفط والغاز.
رهان الطاقة
ويشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن الطاقة المتجددة والهيدروجين سيلعبان دورا مهما في نمو الاقتصاد العُماني بدءا من عام 2024، لأنها من أكثر القطاعات جذبا للاستثمارات في السلطنة.
وبحسب عايش فإن “قطاع الهيدروجين الأخضر تحديدا يمثل رهانا عُمانيا على زيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المولدة للكهرباء إلى 30% في عام 2030 و39% في عام 2040”.
ويلفت إلى أن “رؤية 2040 في عُمان هي الموجهة للأفكار الاقتصادية وللمشروعات، وهي التي تعتمد الهيدروجين والطاقة المتجددة قطاعا موازيا للنفط والغاز”.
وأكد في الوقت ذاته أن “القيمة الاستثمارية التي تحتاجها السلطنة في قطاع الهيدروجين الأخضر تصل إلى 230 مليار دولار، وهو مبلغ ليس من السهل استقطابه من الخارج”.
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن “توقعات إنتاج عُمان من الهيدروجين الأخضر تصل إلى مليون طن في عام 2030، و8 ملايين طن في عام 2050، وبذلك فعمان من بين 77 دولة نشطة في العمل على إنتاج الهيدروجين، أو على استقطاب استثمارات لإنتاج هذه الطاقة النظيفة”.
تحدي التمويل
وفي السياق، ينوه عايش إلى أن “عُمان تعاني من مديونية كبيرة مقارنة بالدول الخليجية الأخرى، إذ بلغت نسبتها نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021، و40% في عام 2022، بعد زيادة إيرادات عمان من النفط والغاز”.
وتوقع أن “يؤدي سداد السلطنة لجزء من هذه المديونية إلى انخفاض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024 إلى 37%، ومع ذلك تظل هذه النسبة دالة على أن قدرة عمان على ضخ استثمارات بـ 230 مليار دولار لإنتاج الهيدروجين الأخطر تبدو غير متوفرة”.
لكن عايش يشير إلى “إمكانية جذب السلطنة لاستثمارات أجنبية كبيرة أو حصولها على قروض جديدة للاستثمار المباشر في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بحيث توفر إيراداته فرصة لسداد الديون، وتحسين الإيرادت من مصدر آخر غير النفط”.
وبحسب عايش، فإن “لسلطنة عُمان فرصة ريادة في هذا القطاع، وتراهن على توفر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل كبير كأحد عوامل الجد الاستثماري نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي للمياه”.
وأكد أن عُمان يمكنها ” توليد 600 واط/ساعة من الطاقة الشمسية لكل متر مربع، وهي كمية إنتاج كبيرة ومنافسة، ويمكنها استقطاب الاستثمارات الأجنبية بسهولة”، مشيرا إلى أن “ضمان التمويل، ولو بشكل مرحلي، سيمهد للسلطنة الإمكانيات اللازمة للمضي قدما في الحضور بنادي الدول المنتجة والمصدرة للهيدروجين الأخضر”.
ويضيف أن “عُمان ستكون أمام تحدي بناء شراكات للاستثمار في الطاقة النظيفة بوجه عام والهيدروجين الأخضر بوجه خاص، ولأن المنافسة العالمية تبدو كبيرة”.
نجاح مرجح
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، أن” المؤشرات ترجح إمكانية تحقيق السلطنة لهذا الهدف، في ظل وجود مساحات واسعة تستطيع استغلالها سواء في الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، باعتبارهما مصدر إنتاج الهيدروجين”.
وأوضح لـ”العربي الجديد” أن “عنصر الخبرة أيضا يرجح قدرة السلطنة على تحقيق أهدافها الخاصة بالهيدروجين الأخضر، إذ سبق لها إنتاج الهيدروجين الأزرق والرمادي، باستخدام طاقة الغاز الطبيعي”.
لكن الشوبكي يشير إلى أن “التحدي الرئيس أمام أهداف عُمان بإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره لا تزال قائمة، وهي كلفة هذا الإنتاج، والتي تجعل سعر الهيدروجين الأخضر مكافئة لـ 3 أضعاف سعر الهيدروجين الرمادي”.
وبحسب الشوبكي، فإنه “إذا ما تم تذليل هذه الأسعار بالتكنولوجيا الحديثة، سيكون لذلك أثر اقتصادي كبير لصالح السلطنة، عبر تنويع مصادر الدخل الدولة، وتأمين الطاقة محليا، وتصديرها عالميا”.
وأشار إلى أن “عُمان لتحقيق هدفها تحتاج إلى تكنولوجيا غربية وشراكة دولية، لتحويل الهيدروجين الأخضر إلى أمونيا خضراء ومن ثم سهولة نقلها عبر السفن، لأن الهيدروجين في حالته الطبيعية لا يمكن نقله إلا عبر الأنابيب”.
سكاي نيوز
العربي الجديد