حكمة الهروب من الباب الخلفي :
أدركت قحت – متأخرةً – أن المتغير الأكبر في معركتها السياسية هو أن الخصومة لم تعد مع رصفاء محكومين – مهما بلغ الاستقطاب – بسقوف وقواعد اللعبة، وخاضعين – بدرجة أو بأخرى – لمنطق الحسابات والموازنات ، وإنما مع جموع شعب بأكمله، أُخرج من دياره وسُلبت أمواله واغتُصبت نساؤه في سياق محاولة احتلال كامل.
الغضبة الشعبية الضارية التي بدأت تتبلور في شكل حراك تلقائي باتجاه المقاومة الشعبية، مع مؤشرات الاختفاء الوشيك للجنجويد من ساحة المعركة في الخرطوم، جعلت القحاتة يستوعبون أنهم ربما يكونون الهدف الوحيد والمباشر للحمم الذي سيتوالى انبعاثه من فوهة البركان الثائر تحت أعلى درجة من الضغط بعد انجلاء المعركة الرئيسة.
هذا هو السياق الإكراهي الذي يفهم من خلاله الانعطاف الحاد والتغيير الجذري في لغة خطاب نقابة أطباء قحت ومتحدثيهم المطلعين على الخط الجديد بصورة تبدو أقرب إلى التفحيط الذي يؤدي إلى انقلاب المركبة،
ولكن يظل خيار الدخول إلى غرفة العناية المركزة السياسية (ككيان) أفضل جداً من خيار المثول (الشخصي) أمام عنفوان محكمة ثورية إيجازية مسبقة الأحكام، ذات طابع شعبوي محض لا تتوافر فيها أدنى فرصة للمرافعة ولا تستطيع قوة التحكم في اتجاهاتها ولا مخرجاتها.
زهير عبد الفتاح