(الجيش والاستراتيجية والحسم السريع)

قدرت قوات الدعم السريع التى دخلت الخرطوم بما بين 80الى60الف على اقل الفروض.
هذه قوة كبيرة جدا فى مدينة واحدة .

وهي ليست قوة غازية انما هي (موجودة) منذ سنوات ومتمركزة فى أكثر المناطق حاكمية من الناحية الاستراتيجية ، بل كانت تحتل عمليا المواقع التى يطمح ان يستولى عليها اي انقلاب بما فى ذلك القيادة العامة والقصر الجمهوري والاذاعة والتلفزيون القومى والجسور التى تربط العاصمة وتتحكم فى حركتها.

حتى المراقب غير المختص (غير العسكرى) يدرك أن القضاء على هذه القوة المتمردة لا بد ان يبدا بقصم ظهرها أولا وكسر شوكتها ، فمن العبث ان تذهب لطردها من المنازل او المرافق العامة وهي تحتفظ بكل هذه القوة البشرية والعتاد الثقيل والامداد المتواصل.

ستخرجهم من موقع فيعودون اليه بقوة اكبر. وهكذا ندخل فى لعبة القط والفار الى ما لانهاية.
اذا الاستراتيجية التى يتبعها الجيش الآن استراتيجية سليمة.

انت تحتاج الى اخراج 50% على الاقل من قوة العدو من الفعل العسكرى اولا؛ (جنوده والياته واسلحته ومعداته وذخيرته ووقوده وعامة تشوينه.)
القوات المسلحة ظلت تفعل ذلك بنجاح… تذكروا انها:
اولا افشلت الانقلاب بمنعهم من الاستيلاء على القيادة ،
ثم بضرب معسكراتهم الرئيسية وطردهم منها ،
ثم بتطويق العاصمة وقطع الطريق على اي امداد ياتيهم من الخارج ، وكذلك بطردهم من الولايات الحدوديه.

هذه المرحلة تم فيها (حصر وتحجيم) العدو وقد انجزت فى وقت قياسى وبنجاح كبير.
ثم بدات المرحلة الأصعب وهي (استنزاف) هذه القوة الضخمة. وهي التى تستغرق وقتا طويلا من الصعب التنبؤ أو وضع توقيت نهائي لها.
هذه هي المرحلة التى نمر بها الان.
والتى تجعل الناس(الملكية مثلنا) يقلقون ويتذمرون ويتعجبون ؛
ماذا ينتظر الجيش؟
لماذا هذا البطء ؟
لماذا لا يحسم المعركة ؟

وهم لا يدرون ان الجيش اكثر منهم تلهفا الى الحسم والنصر وانه هو الذى يبذل النفس والروح والنفيس فى سبيل ذلك .
هذه المرحلة (مرحلة الاستنزاف) بطبيعتها هي الاطول؛

اذ مطلوب فيها القضاء على 35 الف من قوات العدو واخراجهم من المعركة قتلا او اسرا او اعطابا .

وتدمير المئات من مركباته القتالية وغير القتالية ودباباته ومدفعياته ومدرعاته وجميع مسيراته واتصالاته ومراكز القيادة والسيطرة التابعة له.

لانك ان لم تفعل ذلك فالعدو مها اجليته من اي موقع فسيعود الية كما قلنا بقوة اكبر ، لكن حينما تتقلص قوته الى اقل من النصف لن يستطيع ان يعوض ما يفقده فى اي موقع فيفقده نهائيا وهكذا يخسر الحرب.

ونؤكدللناس العجلين انه بنهاية هذه المرحلة يكون الحسم (مرحلة الانقضاض) مسالة وقت ليس الا.

فسينهار جنود العدو اما ان يستسلموا او يهربوا او يقتلوا. وستكون تلك مرحلة قصيرة جدا.
على المواطنين ان يتذكروا ان الحرب صبر واللقاء ثبات ، وان القران ربانا على الصبر كقيمة اساسية باعتبارها أهم مقتضيات النصر.

1-العدو الآن يفقد من خلال هذا (الاستنزاف) قدراته وموارده بشكل يومى. ولا يجد اي تعويض او امداد. فهو من ضعف الى ضعف.

2-العدو يقاتل من دون هدف ، فقد ضاع الهدف الذى جاءوا وحشدوا من اجله لسنوات وهو (الانقلاب وإستلام السلطة) ، الامر الذى حولهم لعصابات نهب وسرقة واغتصاب.

3-العدو الان يحارب فى ارض ليس بارضه ووسط شعب ليس فقط غير متعاطف بل معاد للغاية.
فالعصابات عادة ما توصف علاقاتها الاستراتيجية بمحيطها الاجتماعى كعلاقة السمكة بالماء.

4-حميدتى يخوض حربا خاسرة لا هدف لها وضد الشعب ولا مستقبل لها وكل المؤشرات تدل على نهايتها.

5-المحذور الوحيد والذى يمكن ان يؤخر الحسم هو الركون للضغوط الخارجية واستدراج القوات المسلحة بالاساليب الامبريالية الخبيثة التى خبرناها من قبل فى مشكلة الجنوب ودار فور.
وهذا حديث سنعود اليه غدا ان مد الله فى الايام .

دكتور / قطبى المهدى

Exit mobile version