من الذي يتحمّل مسؤولية حماية النساء والفتيات والأطفال من الاعتداءات الجنسية في مناطق النزاع بالدول العربية؟، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؟ الجامعة العربية؟ السلطة السياسة المفككة؟ جيوش الدفاع الوطنية؟ الفرق الخاصة الأمنية؟ ما الذي يمنع وجودة هيئة قانونية أو أمنية عربية ذات قوّة تنفيذية قادرة بإمكانياتها المادية والبشرية أن توثق، وتُحاكم مُرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال أثناء النزاعات المسلحة في الدول العربية؟.
أليس نحن الأكثر دراية بمجتمعاتنا وبكيفية فضح مرتكبي هذه الاعتداءات الذين غالباً ما ينتمون إلى تيارات سياسية تدّعي الأيديولوجية الدينية أو الارتهان إلى قيادات سياسية ممولة من أطراف عربية؟.
قد يكون هذا الطرح من نسج الخيال، خصوصًا وأن اللجان الحقوقية الأممية تتعاون مع منظمات مدنية وهيئات حكومية عربية لتوثيق هذه الجرائم. ولكنّ قلّما ما نجد بحوثا ودراسات اجتماعية ونفسية تشرح لنا سيكولوجية المقاتل العربي في عام 2021 المتعطش للاغتصاب المتكرر للنساء في مناطق النزاع، والاستمرار في تعذيب المغتصبات أمام أفراد أُسرهنّ حتى الموت.
في لفتة رمزية لهذه القضية، تُذكر الأمم المتحدة العالم باليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، الذي يُصادف في 19 يونيو/حزيران من كلّ عام، إذ دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى قيام الحكومات بإدماج القانون الدولي الإنساني في الممارسات والتدريبات العسكرية، مطالبًا بالتخلي عن الاعتقاد الشائع بأن “المقاتلين باستطاعتهم أن يروّعوا الناس ثم يكملوا حياتهم والإفلات من العقاب”.
هذا ما يحدث اليوم في السودان، البلد العربي الشقيق، ودولة جنوب السودان التي اعترفت بها إسرائيل بعد يوم واحد من تشكيلها وانفصالها عن السودان، ما يستدعي التساؤل عن حجم التحرّك السوداني والعربي في على المستويات القانونية والاجتماعية والإعلامية حول العالم لحماية النساء في هاتين الدولتين، العربيتين، حيث تشير تقارير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واللجنة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، تعرضهنّ لانتهاكات مروعة، وحوادث تعذيب جنسية وُصفت بالـ “جُهنمية”، حيث تستهدف البزات العسكرية “بنشاط مدروس” النساء والفتيات لاغتصابهنّ أمام أعين رجالهنّ وأطفالهنّ، ومواصلة ذلك الفعل والتعذيب حتى الموت.
وإن كان دور القانونيين والسياسيين هو الفاصل، فإنّ مناصرة هؤلاء النساء في وسائل الإعلام هي الأساس، حيث اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن التكنولوجيا وسيلة رئيسية لتوثيق الانتهاكات والتحقّق منها كخطوة أولى نحو المساءلة، “معرباً أيضًا عن قلقه” كالعادة من أن توثيق هذه الجرائم إلكترونياً قد يؤدّي إلى تأجيج الكراهية، والانتقام من الناجيات.
فهل ستلقى صرخة “وا معتصماه” من السودان وجنوبه رجالاً تفزع لها؟.
سحر ناصر
الشرق القطرية