يعوّل السودانيون على مؤتمر المانحين الذي تشترك في رئاسته السعودية ومصر وألمانيا وقطر مع الأمم المتحدة في جنيف، للحصول على تعهدات بتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية الراهنة، من جراء الاشتباكات التي كبدت البلاد خسائر فادحة منذ منتصف أبريل الماضي.
وبدأ طرفا النزاع في السودان، الأحد، وقف إطلاق النار بعد شهرين من القتال الذي دفع البلاد إلى الفوضى، فيما تتضمن الهدنة وقف الهجمات المتبادلة واستخدام سلاح الطيران والمدفعية وتأمين وصول المساعدات الإنسانية.
وسبق أن دعت الأمم المتحدة لتوفير 3 مليارات دولار حتى نهاية العام، لمساعدة ملايين الأشخاص في السودان، ومئات الآلاف ممن اضطروا للفرار إلى البلدان المجاورة.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 49 مليونا داخل السودان يحتاجون الآن إلى مساعدات إنسانية.
أزمة طاحنة
أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 3 آلاف شخص على الأقل وإصابة قرابة 6 آلاف، بحسب وزير الصحة السوداني.
وفقا لبيانات الأمم المتحدة، نزح أكثر من 2.2 مليون شخص بسبب القتال، بما في ذلك فرار أكثر من 500 ألف إلى البلدان المجاورة.
يعاني من بقوا في الخرطوم من انهيار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات، بينما ينهب اللصوص المنازل، ومعظمها في الأحياء الميسورة.
نصف مستشفيات الخرطوم البالغ عددها 130 مستشفى لا تعمل، وجميع مستشفيات ولاية غرب دارفور خارج الخدمة.
تضامن دولي
تزامنا مع الإعلان عن مؤتمر المانحين للسودان، أكدت فرنسا تقديم 41.3 مليون دولار حتى الآن لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسودانيين في بلدهم وفي البلدان المجاورة، بمجالات الصحة والأمن الغذائي والتغذية والنظافة والمأوى والرعاية.
جددت السعودية تأكيد وقوفها إلى جانب الشعب السوداني، وتقديم مساعدات إنسانية متنوعة بقيمة 100 مليون دولار، وتنظيم حملة شعبية لتخفيف معاناة السودانيين، إضافة إلى عمليات الإجلاء لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة.
أكدت الأمم المتحدة على الحاجة إلى تأمين ممر آمن على الفور لتوزيع مواد الإغاثة على المدنيين، إذ تمكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من إيصال مساعدات لحوالي مليوني شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
أعلنت مصر دعم مؤتمر المانحين وبذل أقصى الجهد لتحقيق التهدئة، مع تقديم مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية إلى السودان بحرا.
توقعات سودانية
وتحدث الكاتب والباحث السياسي السوداني ماهر أبو الجوخ لموقع “سكاي نيوز عربية”، عن توقعات السودانيين من مؤتمر المانحين، قائلا:
التوقعات تنقسم لأمرين أساسيين، أولهما تغطية الاحتياجات الناتجة عن ظروف الحرب، فيما يتصل بالمساعدات المرتبطة بالغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، وتوفير قطع غيار صيانة الخدمات الأساسية لإعادة تشغيل خدمات الكهرباء والمياه.
إحدى القضايا التي تحتاج لعون حقيقي هي المرتبطة بتوفير المساعدات للشروع في الإنتاج الزراعي الصيفي الذي يرتبط بإنتاج محاصيل مهمة على رأسها الذرة وحبوب “الدخن”، اللذين يدخلان في غذاء عدد كبير من المواطنين، خاصة في ظل فشل الحكومة حاليا في تقديم أي خدمات.
التوقع الثاني يرتبط بمشروعات إعادة إعمار ما دمرته الحرب، التي يمكن أن تنقسم لاحتياجات عاجلة كإعادة صيانة وتشغيل المطار الدولي، ومعالجات الكوارث البيئية الناتجة عن الحرب، وأخرى مستقبلية وهذه تطلب إعادة الإعمار على أسس جديدة وبتخطيط صحيح بناء على نتائج الحرب.
السودانيون يأملون في إخراج المنشآت العسكرية من قلب المدينة، وتعديل نموذج التشييد في السودان في المناطق المراد إعادة إعمارها لتكون على المستوى الرأسي عوضا عن الشكل التقليدي السابق السائد قبل الحرب على أساس الطراز الأفقي، وإعادة تخطيط وتوزيع المنشأت الصناعية بعدم تمركزها في نطاق جغرافي صغير.
من الضروري الانتباه لمشكلة كشفتها تجربة توزيع المساعدات التي وصلت للبلاد خلال الأسابيع الماضية، بسبب الإيقاع المتثاقل للمؤسسات الرسمية والخلافات بينها، وهو ما أدى فعليا لتكدس المساعدات ووجود شكاوى في غياب الشفافية في التوزيع.
إحدى الخطوات الأساسية المتوقعة لضمان فعالية التأثير المباشر للمانحين هو مصاحبة العون المقدم من المانحين أيا كان شكله وحجمه، بآلية أكثر فعالية وشفافية في توصيل وتقديم ما يقدم منهم للمستفيدين بشكل مباشر.
سكاي نيوز عربية – أبوظبي