هل تنفصل دارفور عن السودان؟ هذا الذي كنا نخشاهُ: فما يلزمنا لنتحاشاهُ

💔 لا زالت الحرب دائرة، وما زال الموت الزؤام يحيط بنا ويحصد أرواحنا في كل لحظة وساعة، ففقدنا أرواحاً غاليةً وأنفساً عزيزةً .. وتشتت عوائلُنا بين القرى والمدائن النائية في أرجاء البلاد، وأخري في أقاصي الجوار، وآخرون محجوزون في معابر الدول الشقيقة والصديقة في أسوأ حال، يستجدون تأشيرات الدخول ..!! وإزدادت فينا المعاناةُ وتعمقت الجراحاتُ، وبلغت بنا الآلامُ النفسية والمعنوية والجسدية مبلغاً عظيماً، وحل بديارنا وبالأسواق وبالبنوك وبالجامعات وبالمؤسسات وبالشركات النهبُ والسرقةُ والخرابُ، مع تدميرٍ ممنهجٍ للبنيات التحتيةِ والمرافقِ الخدمية ..
💔 وخسائرٌ ماديةٌ تعجز الآلة الحاسبة عن إحصائها.. !! وضاعت المعاني الثقافية والتراثية، واختفت المعالمُ التاريخية التي لا تقدر بثمن، وقبل هذا كله إنفرط عقد الأمن تماماً، وشاع الهرجُ والمرجُ والخوفُ في أرجاء البلاد – وهذا من أعظم البلايا – وفقدنا الأخلاق والقيّم والشهامة واختلط الحابل بالنابل..!!
ٌٌ💔 هذه الحرب المفروضة علينا فتنةٌ يعجز المرءُ عن وصفها تماماً، وتظل وصمةُ عارٍ – أبد الدهر – في سيرة من هددونا بها جهاراً، وليلاً ونهاراً، ونفذوها علناً بإئتلافهم وتحالفهم مع حميدتي الطامع في رأس السلطة، وهم مدعومون من قوي خارجية طامعة في مواردنا، ولها أجندة سياسية لا تخفى حتى على العوام، وهي التي تولت كبر المسؤولية تخطيطاً وتمويلاً !! وستبقي ظلال هذه الحرب اللعينة عالقةً في أذهاننا جيلاً من بعد جيل، ذكريات أليمة وحكاوى موجعة، وقصص مأساوية للكبار، وأحاجي مفزعة للصغار، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ..
💔 وبكل صراحةٍ ووضوح، ومما لا يجوز غض الطرف عنه، أن الآثار السياسية السالبة لهذه الحرب اللعينة بدأت تطل علينا من يراع شخصياتٍ مرموقةٍ وأقلامٍ قوميةٍ مقروءة، تنادي بفرز الكيمان !!، وهذه الدعوة خطيرة جداً، وتبرر لنفسها أن مشكلة دارفور قد بلغت حداً يستحيل التعايش معه، وتجاوزت عقدين من الزمان بحساب الحقبة الأخيرة، والتي بدأت بإجتياح مطار الفاشر في 2003م؛ ولا يلوح في الأفق أملٌ ألبتة في لملمة الشتات ورتق الفتق، وبسط الأمن والسلام ..
💔 فها هي مشكلة دارفور قد تفاقمت أكثر وأكثر وبشكل خطير – على الرغم مما بُذل لها من حلول؛ كما بلغ الحال الآن أن تم غزو العاصمة القومية – بمدنها الثلاث – بآلاف الجنود المستوعبين من الإثنيات الدارفورية المعلومة، ومعهم أضعافٌ مضاعفةٌ من مرتزقةِ دول غرب أفريقيا، وتمدد الغزو – مع سبق الاصرار والترصد – شمالاً مسافة 400 كيلو من الخرطوم، فتم حصار مطار مروي، وكان التمرد حاضراً ولا زال علي مسافة 600 كيلو من الفاشر لمحاصرة مطار الأبيض بشمال كردفان..
وفحوي ما سطرته تلك الأقلام نُجمله تلخيصاً في قولهم :
(لما لم يتيسر الإمساك بالمعروف، فليكن الفراق والتسريح بإحسان..).
مستأنسين بقول الله عز وجل أيضا: [وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته، وكان الله واسعاً حكيما] ..
💔 وما لا يخفى علي المراقب اللصيق أن دعوة الطلاق هذه برزت قبل هذه الحرب اللعينة بصوت خافت، أما اليوم وقد بلغ السيل الزبى والحزام الطبيين، فيقيني أنها قد تبلورت أكثر وأكثر وبدأت ترسخ في أذهان الكثيرين من أهل الوسط والشرق والشمال، وغداً ستبرز وترتفع الأصوات بها جهرا عندما تضع الحرب أوزارها؛ وتلك هي نتيجة المرارات الفظيعة التي خلفتها الحرب في نفوس الناس والتي يحتاج فيها الملايين من الأطفال والنساء والرجال إلى العلاج النفسي ولمدة طويلة، فإن ما أصابهم فوق إحتمال البشر .. ولكن …
💔 نقول هل تنساق هذه الأقلام – التي لا نشك في وطنيتها – مع المخطط التآمري الاستراتيجي القديم المرسوم من قبل الدوائر الخارجية لتقسيم السودان، والذي بدأ بفصل الجنوب.؟! وما نبوءة بروفيسور ليبون وخريطة بارنارد لويس في هذا الصدد عنا ببعيد..!!
أعتقد أن الفطنة والقراءة المتأنية تقتضي التريث ..
💚 ولماذا لا يخرج العقلاء والحكماء والأعيان من أهل دارفور تتقدمهم رموز الإدارة الأهلية من شتى القبائل وعلى رأسهم آل مادبو ليطوفوا ولايات السودان متبرئين من الحرب والعنف لتحقيق المآرب السياسية، ويشيعوا في الناس الأمل لبناء الثقة وصولا لسلام حقيقي في برنامج يسميه أحد عقلاء وحكماء كردفان [برنامج غسل البطون] يلتقون فيه مع جماهير عريضة يحدوهم الوئام والوفاق والوطنية الحقة ..
💚 ثم تتكون من بعد ذلك جبهة وطنية للشباب خاصة، وهؤلاء هم الكتلة الصلبة التي يعنيها الحاضر والمستقبل، لكي تُجري معهم حوارات مفيدة، تعمق فيهم روح الوطنية والمسؤولية، وتبصرهم بتراث هذا البلد، والحرص على أخلاق أهله وقيِّمهم، والوقوف صداً وسداً منيعاً في وجه الأطماع الإقليمية والدولية ..
ولماذا لا يُنظر في تطوير النظام الفيدرالي وتلافي القصور بما يلبي طموحات أهلنا، وعندنا أفذاذ الإداريين الذين أسهموا في البناء الوطني وتأسيس بلاد عربية كثيرة ..؟!!
💚 يبدو لي – وفي تقديري – يمكن أن يكون إسهامي هذا مفيداً لو أن آخرين من علماء الاجتماع والسياسية:
Sociopolitical Experts.
عكفوا علي تطويره الى ورقة جامعة ومشروع يتمثل في برنامج محدد الوقائع ينعقد عليه الأمل، ويُخرجُ بلادنا إلى رحاب الطمأنينة والوئام والسلام ..
كتبه: م. خالد معروف
راجعه ونقحه: أ. حمدت الله أ. الطاهر
17يونيو 2023م

Exit mobile version