هذه حكاية أكبر عملية تزوير دولار في تاريخ تركيا.. إليك ما حصل

تحفظ أكثر من مصدر تركي عن الإدلاء بمعلومات حول ما وصفت بـ”أكبر عملية تزوير بتاريخ تركيا”، مع الاكتفاء بالقول إن السلطات استطاعت متابعة المزورين ومراقبتهم “حتى اكتملت أركان الجريمة”، وألقت القبض عليهم وصادرت العملة المزورة، و”أخطرت القنصليتين السويدية والغانية”.

وأكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” أن التحقيقات مستمرة، ولا يمكن الكشف عن ملابسات جريمة التزوير، لكنها أوضحت أن “الجناة قد يحولون إلى المحكمة غدا الاثنين، وحينها سيجرى الكشف عن نتائج إضافية”. ولفتت إلى أن الأشخاص المعتقلين حاليا هم “جزء من شبكة داخل تركيا وخارجها”، ويخضعون للتحقيق لمعرفة الداعمين الفنيين واللوجستيين والتقنيين، وإلى من ستؤول العملة المزورة بعد نقلها جوا.

وتشير المصادر التركية إلى أن تلك المبالغ التي كُشف عنها أول من أمس الجمعة، وتبلغ مليار دولار، لو تسللت إلى الأسواق الأفريقية، ولاحقا إلى غيرها، ستؤثر في سوق النقد العالمية.

وكشفت المصادر لـ”العربي الجديد” عن أن العملة المزورة هي من فئة 100 دولار حصراً (10 ملايين ورقة من هذه الفئة)، وأن فرق الدرك (الجندرمة) قبضت على 3 أشخاص من الجنسية السويدية هم DBSB وNJW وNOF، وتبين أنهم الذين خططوا وطبعوا الأموال ونقلوها بالتعاون مع المدعو JW، وهو مواطن بريطاني، آزرهم أيضا مواطن غاني باسم AKK، ومواطن تركي يُدعى AÖ، وضُبطوا جميعا متلبسين.
وكان مكتب حاكم إسطنبول قد كشف، الجمعة الماضي، أن قوات الأمن التركية ضبطت مليار دولار مزيفة في المدينة، وألقت القبض على 6 أشخاص متورطين في العملية، من بينهم مواطن غاني و3 سويديين. كما نقلت وكالة “الأناضول” عن مصادر أمنية أن فرقا تابعة لقيادة الدرك تلقت معلومات عن طباعة أشخاص دولارات مزورة واستعدادهم لنقلها إلى دول أفريقية.

وأوضحت أن الفرق نفذت عملية متابعة استخبارية مباشرة، ورصدت تحركات مشبوهة للمشتبه بهم في مستودع بمنطقة كاغتخانة، وهم 6 أشخاص (3 يحملون جنسية السويد والبقية من بريطانيا وغانا وتركيا) كانوا ينقلون كميات كبيرة من طرود الشحن والصناديق إلى المستودع قبل شحنها إلى أفريقيا (والأرجح إلى غانا).

مصادرة مجوهرات ونقود بكميات كبيرة
وتضيف المصادر أن فرق الدرك التركي فتشت فللا فاخرة استأجرها الأشخاص في منطقة شيشلي، وضبطت كمية من النقود والمجوهرات، مشيرة إلى أن هذه الكمية من النقود المزورة تعتبر الأكبر بين الكميات المضبوطة في تاريخ تركيا.

المحلل التركي علاء الدين شنكولر قال لـ”العربي الجديد” إنه من المبكر إطلاق الأحكام بشأن الشبكة، وأضاف: “أعتقد أنها دولية، ولها ارتباطات في الداخل التركي، لأن إحضار الورق والأحبار الخاصة لكسر شيفرة التزوير وإصدار عملة شبه مطابقة ليس باليسير. كما أن المبلغ الهائل يزيد الشكوك بارتباط العمل بجهات في دول كبرى، ربما تكون الولايات المتحدة”.
ولا يرى شنكولر أي آثار سلبية على بلاده الآن، “بل نقطة إيجابية لكشف الشبكة وضبط الأموال المزورة قبل نقلها وتداولها”، لتبقى برأيه المعلومات التفصيلية والآثار إلى حين يجرى الكشف عنها من القضاء التركي، مضيفا أن “قضية كهذه يجرى التكتم عليها لضرورة التحقيق”، متوقعاً أن يُكشف عن بعض المعلومات خلال عرض المشتبه بهم على القاضي غدا الاثنين.

3 أنواع عقوبات لتزوير العملة وتداولها في تركيا
وتفيد مصادر قانونية بأن عقوبة تزوير الأموال في تركيا تنقسم وفق قانون العقوبات الرقم “197” إلى 3 حالات:

محاولة تداول أو نقل أو الاحتفاظ بعملات مزورة، وعقوبتها بين عامين و12 عاما سجنا مع غرامة مالية.
قبول عملات مزورة مع معرفة أنها مزورة، عقوبتها من عام حتى 3 أعوام سجنا مع غرامة مالية.
قبول عملات مزورة من دون علم ومن ثم محاولة التداول بها، وعقوبتها من 3 أشهر حتى عام في السجن.
تزوير الدولار يُلحق أضراراً بالعملة الأميركية
ويقول الخبير الاقتصادي أسامة قاضي، من كندا، لـ”العربي الجديد”، إن تزوير العملة، وخاصة السوبر دولار (فئة الـ100)، يلحق الضرر بالعملة نفسها، ويربك الاقتصاد الوطني، ويخلق نوعا من عدم الثقة بين المواطنين والتجار والمستثمرين والبنوك، ويدفع لمزيد من اختلالات السوق، حيث يحدث ارتفاع طلب وهمي، وسرعان ما يخلق مشكلة مالية في الأسواق.

ويرى قاضي أن “القبض على عصابة بهذا الحجم انتصار للأمن التركي، ويزيد الثقة الدولية بالحكومة الجديدة، لأنها تساهم ليس فقط في استقرار الاقتصاد الوطني والعالمي، بل أيضا في ترسيخ الأمن الوطني والعالمي، لأن ملياراً من الدولارات المزيفة سيمكن تجار السلاح والمخدرات من غسل أموال قذرة ويوسع أعمالهم”.

وحول قوة الدولار وصعوبة تزوير هذه الفئة، يشير قاضي إلى أن تزوير الدولار لطالما كان منتشراً، ولا تزال، بل حتى إن وزارة الخزانة الأميركية تعترف بوجود نحو 70 مليون دولار مزورة ويجرى تداولها على أراضي الولايات المتحدة نفسها.

وتختلف نسب التزوير، برأي قاضي، حسب الورق والطباعة والحبر، وتصل نسب ما يسمّيه “الضرب” أحيانا إلى درجة المطابقة.
6 ميزات تجعل تزوير الدولار مهمة صعبة
ويتابع الخبير الاقتصادي أنه منذ عام 1739، حين وضع بنجامين فرانكلين الميزات الأمنية (صور سرية، حبر خاص، علامات مخفية وتوقيعات مغناطيسية)، لا تزال المحاولات مستمرة لكسر تلك الخصوصية، وقد نجح كثيرون حول العالم بتزوير العملة الخضراء لدرجة المطابقة الكاملة تقريبا.

كذلك، تلفت مصادر خبيرة إلى وجود 6 ميزات لفئة الـ100 دولار يمكن أن تكشف التزوير، وهي:

الأرقام التسلسلية وكوكبة “يوراين”
إن أبسط شكل من أشكال التأمين على ورقة نقدية بقيمة 100 دولار هو الرقم التسلسلي، حيث يوجد لكل ورقة رقم فريد لتسجيل البيانات الخاصة بإنتاجه وتتبع عدد مرات تداوله.

أما كوكبة “يوراين” EURion فهي عبارة عن مجموعة تشبه النجوم من الحلقات الصفراء بالقرب من الرقم التسلسلي، يمكن اكتشافها فقط عن طريق برامج التصوير.

تغيّر لون الحبر
يتغير لون هذا الحبر بزوايا مختلفة بفضل الرقائق المعدنية الصغيرة داخل الحبر نفسه، الورقة فئة 100 دولار، مثل جميع الأوراق النقدية الأخرى في الولايات المتحدة، لها قيمتها المشار إليها بالحبر متغير اللون في الزاوية اليمنى السفلية. وعلى عكس الأوراق النقدية الأخرى، فإنها تتميز أيضا بصورة جرس الحرية باستخدام الحبر.
الطباعة المصغرة
تسمح الطباعة المصغرة بالحصول على صور يمكن التحقق منها، والتي لا يمكن مسحها ضوئيا بواسطة آلات التصوير أو رؤيتها بالعين المجردة. وتحتوي فئة الـ100 دولار على عبارات مثل “USA 100” مكتوبة بشكل غير مرئي في أماكن متعددة.

طباعة النقش الغائر
بدلا من ضغط الحبر العادي على الورق، تستخدم طباعة النقش الغائر حبرا مغناطيسيا، وكل قيمة ورقة مختلفة لها توقيع مغناطيسي فريد.

خيوط الأمان وشرائط ثلاثية الأبعاد
خيط الأمان عبارة عن خيط رأسي مضمّن يمر على طول الورقة، وتمكن رؤيته فقط تحت ضوء الأشعة فوق البنفسجية، ويحتوي على نص مطبوع بدقة يحدد قيمة الفئة النقدية، وينعكس لونه بدرجة مختلفة حسب نوع الفئة.

وإضافة إلى ذلك، تُوضع شرائط ثلاثية الأبعاد في وسط فئة الـ100 دولار بنمط يتغير قليلا أثناء تحركه.

الورق والألياف والعلامات المائية
لأن النقود الأميركية مصنوعة من القطن والكتان، فقد جرى نسج ألياف القماش باللونين الأزرق والأحمر في المادة كميزة تعريفية أخرى. كما توجد العلامات المائية في معظم الأوراق النقدية ولا يمكن اكتشافها إلا عن طريق مرور الضوء عبر ورقة العملة.

سكاي نيوز
العربي الجديد

Exit mobile version