سياسية

بعد 52 يوما من المعارك.. سكان الخرطوم محاصرون بين القصف وأزمات المعيشة الطاحنة

بين ركام المنازل المهدمة والجثث المتناثرة في طرقات العاصمة السودانية المثلثة، تضيق الحياة يوما بعد آخر بكثير من المواطنين الذين قرروا البقاء في منازلهم لأسباب مختلفة؛ ومن بينها ضيق اليد أو حراسة ممتلكاتهم بعد حالات النهب التي طالت منازل من غادروها.

المعلم المتقاعد زايد عبد الخير واحد من بين أولئك الذين اختاروا البقاء؛ إيمانا منه بانفراج الأزمة قريبا بعدما قضت على الأخضر واليابس في عاصمة كانت أكثر العواصم الأفريقية أمنا.

لكن زايد -الذي تلازمه صفة الأستاذ أينما حل- وجد نفسه أمام ما عدّها حسابات غير متوقعة بعد 52 يوما من الحرب والدمار والقتل لأسباب ما زال يجهلها كثيرون في رأيه.

وفشل زايد (السبعيني) في الحصول على معاشه الشهري -البالغ 63 ألف جنيه (نحو 9 دولارات)- كآخرين في مهن ومجالات مختلفة بعد توقف جميع البنوك وتطبيقاتها عن العمل.

كما فقد زايد فرصة الحج لبيت الله الحرام هذا العام بعد تبرعه بما ادخره من أموال للحج لآخرين هم أكثر حاجة لرفع الضيم عنهم، كما يقول للجزيرة نت.

ومع الشح الذي طال المواد الغذائية الأساسية وندرة الدواء أو انعدام بعضه بشكل كامل؛ تنتهي قدرة البسطاء على توفير أي نوع منها، وفق رأيه.

وفي مقابل ذلك، لم يتمكن الحاج علي سليمان (السبعيني أيضا) من إبداء أي رأي غير وصفه لما يجري في العاصمة بأنه “غضب من الله”.

ويقول -وهو ينظر بعيدا إلى ما أسماه آخر النفق- “هذا البلد ما كان له أن ينزلق إلى هذا المستوى، والقاتل والمقتول يكبّران ثم يطلقان الرصاص على صدر أخيه”.

ويدخل الصراع المتصاعدة في العاصمة السودانية المثلثة يومها الـ53 من دون بصيص أمل في حل يوقف عجلة دورانها.

ويضيف الحاج علي في حديث قصير للجزيرة نت “إننا أصبحنا نحارب بعضنا، والشباب الذين كنا نتمنى أن يكونوا بناة لهذا الوطن يموتون الآن بلا هدف”.

ويشير الحاج علي إلى تبعات الصراع من قطع للتيار الكهربائي منذ بدايته في أغلب الأحياء السكنية وحتى الآن، كما توقف ضخ مياه الشرب لأكثر من 40 يوما في عدد من الأحياء السكنية مما زاد المعاناة الإنسانية فوق ما هي عليه الآن.

ويستبعد خبراء حل الأزمة عسكريا، ويشيرون إلى ما اتخذته من أشكال ربما تنتهي بحرب أهلية تعم أنحاء البلاد، خاصة مع تمدد المواجهات العسكرية التي شملت حتى الآن أغلب مدن دارفور وعاصمة شمال كردفان الأبيض، إلى جانب العاصمة الخرطوم.

الجزيرة