تعد كرة القدم من أكثر الرياضات شعبية على مستوى العالم، حيث يتابعها الملايين من المشجعين والمحبين في كل أرجاء الكوكب. ومع ذلك لا يخلو عالم المستديرة من ظاهرة سلبية تهدد قوامها وتشوه صورتها الجميلة، وهي العنصرية التي لازالت تأخذ ابعاد جديدة وخطيرة.
أثارت الاساءات العنصرية التي تعرض لها البرازيلي فينيسيوس جونيور ضجة كبيرة وكانت لها تبعات قضائية، ولكنها ليست سوى الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة من الاعتداءات العنصرية التي تطال لا عبي كرة القدم منذ عقود طويلة.
عالم كرة القدم شهد عدة حالات عنصرية صادمة على مر السنوات أبرزها:
في عام 1989، عاد حارس المرمى الكاميروني جوزيف أنطوان بيل إلى فريقه القديم جيروندان بوردو، بعد احتل موقع حارس مرمى نادي أولمبيك مرسيليا من 1985 إلى 1988، في وقت كان التنافس بين مرسيليا وبوردو في ذروته، وفي المدرجات، تلقى أنطوان بيل لقاء سيئا للغاية، حيث تعرض للرشق بالموز من أنصار مرسيليا.
أول لاعب أسود في المنتخب الإيطالي في عام 2010، لم يكن لدى ماريو بالوتيلي الوقت الكافي لإبراز قدراته الكاملة في الدوري الإيطالي مع إنتر ميلان، إذ أصبح ضحية لإهانات عنصرية متكررة. في نفس العام الذي حصل فيه على استدعاء من Squadra Azzurra، تم استهدافه من قبل أنصار يوفنتوس خلال رحلة إلى تورين. حيث ردد الجمهور الحاضر عدة عبارات عنصرية، على سبيل المثال، “لا يوجد إيطاليون سود”. ومرة أخرى بعد ثلاثة مواسم في إنجلترا، عاد بالوتيلي إلى إيطاليا بألوان ميلان، وتم استهدافه مرة أخرى، هذه المرة من قبل أنصار روما، حتى أن الحكم، في تلك المباراة، قرر توقيف المباراة مؤقتًا، وأصدر تعليمات لمذيع الملعب لتهدئة الأنصار. تم استئناف المباراة ولم يستوعب بالوتيلي ذلك، حيث صرح، “كنت أقول لنفسي دائمًا إنه إذا حدث ذلك في الملعب، فسأتصرف كما لو لم يقل أحد شيئًا، كما لو أنني لا أهتم. لكن هذه المرة، غيرت رأيي قليلاً. إذا حدث ذلك مرة أخرى، فسأخرج من الملعب لأن هذا الأمر تافه”.
وتزداد الأوضاع سوء في إيطاليا، لم يسلم أي موسم من الأعمال العنصرية في المدرجات. وغالبًا ما يتكرر نفس النمط: أغاني عنصرية ضد لاعبين سود. فهناك لاعبين تلقوا إنذارات وطردوا من الملعب بمجرد الرد على هذه الهتافات العنصرية مثل ما حدث مع الغاني سولي على مونتاري في مايو 2017.
في 2018، تعرض لاعب الكرة القدم السينيغالي كاليدو كوليبالي، لصرخات القرود عدة مرات، خلال مباراة نابولي ضد إنتر ميلان. كما تم طرد اللاعب في الدقيقة 81، بعد تلقي بطاقتين صفراوين في دقيقة واحدة: الأولى لخطأ، والثانية لتصفيق على الحكم بسخرية. ورد اللاعب، في نهاية المباراة، على شبكات التواصل الاجتماعي حيث كتب: “أنا آسف للهزيمة وخاصة للتخلي عن إخوتي، لكني فخور بلون بشرتي، وبكوني فرنسيًا، سنغاليًا، نابوليًا: أنا فخور أني رجل”
الهتافات العنصرية ليست تخصصًا إيطاليًا حصريًا. في البرتغال سافر المهاجم موسى ماريجا إلى غيماريش مع نادي بورتو في فيفري 2020، واثناء المباراة تلقى هداف المباراة هتافات عنصرية وصرخات القردة. بعدما شعر بالغضب والاشمئزاز، قرر المهاجم عدم مواصلة المباراة رغم إصرار زملاؤه.
في عام 2014، شهدنا حادثة مشينة في إسبانيا، حيث قام أحد المشجعين في نادي فياريال برمي موزة على اللاعب البرازيلي السابق داني ألفيش، أثناء قيامه بتنفيذ ضربة ركنية أثناء مباراة مع فريق برشلونة. كانت ردة فعل ألفيش تحمل الكثير من الاستهزاء، حيث قام بالتقاط الموزة وتناولها، ثم استكمل تنفيذ ركلة الركنية. ولكن لم ينج النادي المعروف بـ “الغواصات الصفراء” من العقوبة، إذ فُرض عليهم غرامة مالية قدرها 12 ألف يورو.
في 2023، تعرض صمويل أومتيتي، مدافع ليتشي الفرنسي، وزميله الزامبي لاميك باندا، لصرخات عنصرية من جماهير لاتسيو روما. اضطر حكم هذه المباراة التي فاز بها ليتشي (2-1) لإيقافها لحظات قليلة في الشوط الثاني. وذكرت وسائل إعلام إيطالية أن أومتيتي غادر الملعب وهو يبكي في نهاية المباراة وسط تصفيق حار من جمهور فريقه ليتشي.
فينيسيوس…القطرة التي أفاضت الكأس
وقد أثارت الإهانات العنصرية الموجهة ضد جناح فريق ريال مدريد، اللاعب البرازيلي فينيسيوس جونيور، ذكريات مؤلمة للمواقف العنصرية التي تحدث في ملاعب كرة القدم.
فخلال مباراة فريقه ريال مدريد ضد فالنسيا في الدوري الإسباني، تعرض فينيسيوس لهتافات عنصرية مهينة من قبل بعض الجماهير. على الرغم من هذه الإهانات، قرر فينيسيوس أن يتجاهلها ويظل رافضًا السقوط في فخ الإهانة. ومع ذلك، انتهت المواجهة بتلقيه البطاقة الحمراء، مما زاد من استياءه وخيبة أمله.
ما أثار الدهشة والاستياء أكثر هو عدم تدخل رابطة الدوري الإسباني والأجهزة الأمنية بشكل فعال لحماية اللاعب من الإهانات العنصرية. فلقد تكررت تلك الهتافات ضد فينيسيوس وتعرض اللاعب للظلم المتكرر دون حماية كافية.
هذه الحادثة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد العنصرية في كرة القدم، سواء من قبل الأندية أو الاتحادات الرياضية أو الجهات الأمنية.
الاساءات العنصرية البرازيلي فينيسيوس جونيور، هي الأخيرة في سلسلة طويلة مما يحدث في كرة القدم.
“مونتي كارلو الدولية”