ديمقراطية الساعة كم هذه التي تقاتل لأجلها قبائل الصحراء؟ من هو ذلك الأحمق الذي يصدق بأن هذه القبائل ترسل بأبناءها إلى الموت لكي ينعم هو بالديمقراطية؟
يجب تسمية الأشياء بمسمياتها، هذه حرب بهدف الإستيلاء على السلطة وعلى الثروة والأرض بقوة السلاح بواسطة مجموعات بعضها من السودان وبعضها من خارج السودان.
حرب المليشيا القبلية ليست حرباً مطلبية مثل حرب حركات دارفور. تلك الحركات كانت تحارب بشعارات واضحة وبقضية واضحة تطالب بالحقوق والمساواة لأقاليم ولشعوب بعينها تقطن في جغرافيا محددة معروفة، وتتفاوض مع السلطة في المركز على هذا الأساس. الحركات المسلحة فاوضت باسم دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وعلى قضايا محددة واضحة تقبل النقاش.
أما هذه المليشيا القبلية العابرة الحدود فهي لا ترفع مطالب محددة، و لا تتكلم باسم إقليم أو جغرافيا، هي تقول بأنها تحارب من أجل شيء مبهم هو الديمقراطية وتقاتل أشباح تسميهم “الكيزان”، ولكنها عمليا تشن الحرب على كل شيء في البلد، وتعمل حرفياً على احتلال الخرطوم تخرج أهلها من بيوتهم وتحتلها، وتعمل بشكل ممنهج لتهجير الناس وطردهم بتدمير الأسواق ومرافق الخدمات وكل مظاهر الحياة.
هم لا يطالبون بحصة إقليم معين في السلطة والثروة ولا يطرحون أي أجندة ذات مضمون اجتماعي. بدلاً من ذلك ينخرطون في معركة هلامية باسم الديمقراطية ويعلنون حرب على فصيل سياسي بعينه، والغرض من ذلك هو توفير غطاء ما لهذه الحرب، غطاء والسلام. لو لم يكونوا الكيزان لكانت شماعة أخرى.
نحن مع مبادئ المواطنة والمساواة والعدالة، ولكن هذه المبادئ الآن غير مطروحة على الطاولة بشكل صريح. لا توجد أي مطالب ذات مضمون اجتماعي تطرحها المليشيا، هي ترفع شعاراً زائفاً بلا أي معنى عن الديمقراطية والحكم المدني ولا يمت بصلة للحاجات الحقيقية لقبائل تعيش في الصحراء وتبحث عن موطئ قدم في الدولة. المليشيا تبنت شعارات شعارات ثورة ديسمبر الزائفة، وتحارب بها، ولكنها على أرض الواقع تمارس حرباً أخرى، حرب على الشعب السوداني، وحرب جذرية بدون أي إطار أو أفق سياسي، حرب تنتمي إلى زمن الغزو والاجتياح والاستيلاء على كل شيء، مثل حروب التاريخ القديم حيث تنهار دول وشعوب لتقوم مكانها دول أخرى بشعوب أخرى تماماً.
هذه هي الحقيقة ويجب علينا مواجهتها.
حليم عباس