من توقف عن اللحاق بعجلة الحياة سيتخلف !!!
كل ولايات السودان بفضل من الله الآن آمنة مطمئنة، عدا جيوب قليلة في ولاية الخرطوم تمشي فيها مركبات وأفراد التمرد هائمين على وجوههم وحتى هذه الجيوب نفسها كل يوم الوضع فيها يتحسن إلى أن يستتب الأمن بالكامل بعونه تعالى.
إذن لما دواوين الدولة معطلة إتحاديا وولائيا بسبب ما يحدث في جزء من الخرطوم؟..يجب أن ينتقل مجلس الوزراء الاتحادي وكامل قادة الجهاز التنفيذي إلى ولاية الجزيرة أو البحر الأحمر مثلا أو أي ولاية أخرى لإدارة الشأن المدني وما يهم معاش الناس، هناك موسم زراعي قادم والسودان دولة تعتمد في إقتصادها على الزراعة ودونها سيجوع الناس وتدخل البلاد في نفق المجاعة.. هناك كثير من المعالجات تحتاجها الخدمات في الصحة والتعليم وخدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والمواصلات وغيرها، كل ذلك لابد له من غرفة لإدارة الأزمات مكونة من خبراء ومختصين وفنيين في المجالات كافة.. البلاد الآن تعيش حالة استثنائية،ينبغي ألا تدار بعقلية الاستقرار الراتبة، لابد من غرفة عمليات إتحادية تتخذ مقرا آمنا لها خارج الخرطوم ومجلس وزراء يكون في حالة انعقاد دائم لاستصدار القرارات العاجلة والناجزة بالتنسيق مع قيادة الجيش والأخيرة يجب أن تتفرغ لمهامها العملياتية والقتالية.
فى كثير من بلدان العالم وفي حالات السلم دعك من الحرب تنتقل الحكومة خارج العاصمة لتؤدي مهامها في مواسم ومواقيت محددة.. خذ مثلا في مصر، فكامل طاقم الحكومة ينتقل إلى الإسكندرية صيفا،بما في ذلك رئيس الجمهورية الذي يستقبل ضيوف بلاده في قصور الإسكندرية الرئاسية وهذا تقليد معمول به منذ حكم أسرة محمد علي باشا لمصر.
لما لا نفعل ذلك نحن في السودان ونحن اليوم في أمس الحاجة لارساء هكذا تقليد ونؤسس له في قادم أيامنا حتى بعد إنجلاء الحرب، فإنتقال الحكومة بجهازها التنفيذي ينعش حركة تلكم الولايات إقتصاديا في حركة التجارة والسياحة ويعطيها أهمية وبعدا إتحاديا ويخفف الضغط على ولاية الخرطوم.
الآن الموانئ البحرية تعمل بكفاءة وأعمال الصادرات والواردات للبضائع تسير سيرها المعتاد، لما لا يبرمج كل ذلك خلال غرفة واحدة؟! تعمل على انسياب السلع إلى الأسواق في كافة الولايات عبر الطرق والسكك الحديدية والتي أكثرها آمن والحركة فيها طبيعية.. بانسياب السلع من الموانئ ومناطق الإنتاج إلى مستهلكيها لن تكون هناك ندرة ولا غلاء في أسعار السلع الضرورية.
بمثلما تدار المعركة الآن في الخرطوم عبر غرفة عمليات عسكرية، يجب أن تدار الأزمات الداخلية إقتصادية كانت وإنسانية عبر غرفة مدنية مختصة لإدارة شؤون البلاد خلال الأزمة الراهنة، يكون لها فروع وأزرع وآليات في كافة الولايات، بما فيها ولاية الخرطوم، عبرها لن يتأثر المواطن في معاشه بإستمرار الحرب طال أجلها أو قصر ولن يضطر المواطن للجوء خارج السودان أو النزوح داخل الولايات،فكثير من الناس تركوا بيوتهم ليس هربا من المعارك فقط وإنما خوفا من إنهيار الدولة لما شاهدوه من توقف لمظاهر الحياة الطبيعية.. لا تتركوا البلاد تعيش طويلا في حالة الصدمة الأولى للحرب، لابد من إمتصاصها والتقدم إلى الأمام، فالحياة لا تتوقف عجلتها عن الدوران ومن يتوقف عن اللحاق بها سيتخلف.
د. محمد بشير عبادي