من الواضح أن الجاهل حميدتي لا يفهم المدنية والتحول الديمقراطي ولا يعرف ان التحول الديمقراطي الذي يدعي انه يقاتل من أجله يتطلب بالضرورة حل مليشياته وتفكيك إمبراطوريته الأسرية. حميدتي رجل جاهل تلاعب به العسكر والمدنيين في لعبة سياسية وأمنية لا يملك ادواتها.
القوى السياسية فشلت في السيطرة على الدولة بعد الثورة لأنهم ليسو رجال دولة . رجل الدولة ينمو ويترعر في الخدمة المدنية من اول السلم الوظيفي ويتدرج وينشيء خلال سنوات خبرته شبكة من العلاقات ويتملك مفاتيح إدارة المكان الذي يعمل به ويخوض ضروبا من الصراعات التي نسميها في عرف الخدمة المدنية office politics وهي عملية سياسية كاملة تواجه فيها الخصوم والمتآمرين وتطور من قدراتك بحيث حين ترتقي في السلم تكون على معرفة جيدة بكيفية إدارة خصومك اكثر من حلفائك تحت شعار keep your friends close and your enemies closer.
حميدتي لا يعرف اول درس في الخدمة المدنية . لا يوجد صديق لا يوجد عهد توجد المؤسسة وانت خادم لهذة المؤسسة وحين تواجه رأسها فأنت تتحدى المؤسسة وهذة هي قوة صنيعة الانجليز في السودان ومصر وهذا ما لا تعرفه دول الخليج لأنه ليس بها مؤسسات
ولذلك مهما كانت قوتك كفرد او قبيلة او حزب او تنظيم لن تتمكن من حكم السودان للأبد وهو وهم سقط فيه كل السياسيون والعسكر وطبعا حاول جاهدا تنظيم الاخوان ان يأتي بمؤسسات بديلة تحت شعار تأصيل الخدمة المدنية وإعادة صياغة الإنسان السوداني. ولكن المشروع الحضاري فشل لأنه ببساطة ليس بديلا معادلا للمؤسسات التي صنعها الانجليز.
اتمنى ان يفهم السياسيون والعسكر وحركات الكفاح ان طموحاتهم الشخصية وتطلعاتهم الاثنية ورؤاهم الايديولوجية لا مكان لها في السودان الانجليزي . وان يتحولوا للعمل المؤسسي ويركزوا على البرامج الاقتصادية والاجتماعية ويكفوا عن تبني الأفكار الثورية وتخيل انك المسيح المنتظر الذي سيغير العالم ويملؤها عدلا بعد ان ملئت جورا.
السودان في المسار الصحيح لأول مرة منذ الاستقلال.
سبنا امام