أفهم أن يشمت شخص داعم للمليشيا على شهداء وجرحى الاحتياط المركزي، هذا مفهوم. ولكن كيف تكون داعم للجيش وضد المليشيا وفي الوقت نفسه تفرح لمقتل أفراد قوات نظامية بأيدي الميليشا؟
هذا مستوى بعيد من التفاهة والعبثية. ودعم هؤلاء السفهاء الجيش ليس سوى موقف سطحي وهش، ومن غير المستبعد أن يهللو غداً للمليشيا إذا شعروا بأنها قوية وتستطيع أن تهزم الجيش. الحجة موجودة وجاهزة: الجيش جيش الكيزان. ولك أن تتصور لو نزل المجاهدين الكيزان لمواجهة المليشيا عسكريا! حينها سيتحول هؤلاء التافهون إلى “حكامات” للمليشيا، لأنها ضد الكيزان.
هؤلاء الحمقى هم الوجه الآخر للمليشيا في السفاهة وخفة العقل، تسيطر اللحظة على عقولهم فيعشونها لأقصى حد وكأنها نهاية التاريخ والزمن.
بالنسبة للجيش وللقوات المساندة له والتي خبرت الحرب، فهم يعلمون سلفاً وكل من له ادنى خبرة عسكرية يعلم، أن هناك خسائر في كل حرب وكل معركة؛ يُمكن أن تخسر معركة، أن تفشل في هجوم مرة ومرتين وأكثر، أن تقع في كمين، أن تفقد مواقع وجنود وعتاد، هذه هي الحرب. ولكن العبرة في الموقف الكلي ، في الصورة الكبيرة، في كيف تسير الحرب، لصالح من؟
في النهاية هذه مليشيا بدأت هذه الحرب على أمل أن تسيطر على السلطة خلال ساعات معدودة، ولكنها فشلت، وانكسر عظمها، ومنذ اليوم الثاني للحرب أصبحت عبارة عن فلول في جزر معزولة تقاتل من أجل الدفاع والاحتفاظ بمواقعها في محاولات بلا أي أفق عسكري أو سياسي؛ مجرد دفاع غريزي على النفس، قد يؤخر انتصار الجيش لبعض الوقت ولكنه لن يمنعه. مليشيا مهزومة سياسياً وأخلاقياً قتلت نفسها بالجرائم والفوضى التي خلقتها، وهي مهزومة عسكرياً بكل الحسابات. وفي انتظار مصيرها المحتوم فإن أقصى ما يمكنها تحقيقه هو مجرد انتصارات لحظية زائفة وزائلة في جزء من معركة سيطويها الزمن وتصبح منسية بعد ساعات، ولكن سيبقى العار يلاحق أولئك الخونة والمرجفين الذين هللو لها لوقت أطول بكثير. والأيام بيننا.
حليم عباس