المليشي المتمرد يشترط وقف إطلاق النار للتفاوض ويقول بأنهم ليس لهم أي مطالب سوى العودة إلى الاتفاق الإطاري وتسليم السلطة كاملة إلى المدنيين.
انخفض سقف المليشي من القبض على البرهان أو قتله ومعه كل قيادات الجيش إلى العودة إلى الاتفاق الإطاري. يبدو أنه قد تم نصحه بالتمسك بهذا الاتفاق كأفضل موقف تفاوضي يسوق به نفسه للخارج (وليس للداخل، فهذا الاتفاق قد مات بالنسبة للداخل).
موقف ضعيف للغاية. المشكلة في الاتفاق الإطاري كانت وضعية قوات الدعم السريع بالإضافة إلى محاولة الاستبداد بالسلطة وفرض مجموعة قحت لنفسها كوصي على العملية السياسية يحدد من يحق لهم المشاركة. حالياً قوات الدعم السريع، بالأحرى ما تبقى منها، ليس أمامها خيار سوى الاستسلام لإرادة الجيش. أما حميدتي وشقيقه فليس أمامهم سوى الاستسلام وانتظار مصيرهم أو القتل أو الهرب بسرعة.
بالنسبة لأحزاب قحت المتحالفة مع حميدتي فهي لن تتجرأ على الوقوف في صفه والمطالبة بالعودة للاتفاق الإطاري. ستكتفي بالمطالبة بوقف الحرب على أمل أن يحافظ حليفها على شيء من القوة تمكن حلفاءه في الخارج من الضغط على الجيش للقبول بوجوده في المعادلة. الضغط الخارجي على الجيش حالياً هو الأمل الوحيد المتبقي للخونة المتحالفين مع حميدتي. ولكنه لن يغني عنهم.
يجب أن يكمل الجيش ما بدأه ومواصلة إخضاع المليشيا بشكل كامل وحسم فوضى عيال دقلو بشكل نهائي ومحاسبتهم. بعد ذلك يأتي الدور على كل من يثبت تورطه في التآمر على الجيش من القوى المدنية، هؤلاء يجب أن يحاكموا مثلهم مثل قادة المليشيا ومن يثبت تآمره على البلد ينال العقاب. بالتوازي مع ذلك يجب تدشين إطار سياسي جديد يتجاوز كل هذه الفوضى التي خلفتها ثورة ديسمبر، من أجل خلق توافق وطني حقيقي بالاستفادة من الوحدة الوطنية التي تحققت الآن والاصطفاف خلف الجيش دفاعاً ليس عن قيادة الجيش ولا عن الجيش نفسه ولكن دفاعاً عن البلد وسيادتها وكرامتها واستقلالها.
على قيادة الجيش الحالية أن تكف عن الخنوع والارتهان للخارج و فتح الشأن السياسي للبلد ليتدخل فيه كل من هب ودب. يجب حسم قضية السيادة الوطنية وعدم التهاون فيها وإلا فستكون هذه القيادة هي الهدف التالي.
حليم عباس