■ يغيب عن الكثيرين مفهوم مهم جداً جداً ٫ وهو مدي أهمية المؤسسة العسكرية في أي دولة من دول العالم ٫ والمشكلة الأكبر أن الذين يطالبون بتفكيك المؤسسة العسكرية يحكمون علي بلادهم بالفناء والدمار ٫ ولن يشعروا بخطورة مطلبهم الا بعد فوات الأوان.
■ تفكيك الجيش العراقي 2003!
بعد غزو العراق في العام 2003 تعمدت الولايات الامريكية المتحدة تفكيك الجيش العراقي الذي كان مبنياً علي عقيده وطنية وقتالية عالية جداً بحجة تطويرة ولكن للأسف إنهارت المؤسسة العسكرية العراقية بشكل كامل وصارت مجرد مسخ تابع للولايات المتحده ومنفذ لأجندتها وبعد انسحاب القوات الامريكية من العراق عام 2011 كان الجنود العراقيين يخلعون زيهم ويهربون من المعارك بعدما كانوا من أقوي الجيوش العربية.
■ تفكيك الجيش السوري 2015 !
بعد الانتفاضة الشعبية التي قام بها الشعب السوري في العام 2011 تعالت المطالب بتفكيك المؤسسة العسكرية السورية وانشقت الكثير من الكتائب بسبب الحرب الأهلية والقبلية والتدخل الايراني السافر في الشأن السوري ادي ذلك الي تدخل روسيا بشكل رسمي في العام 2015 فعمدت روسيا لأعادة هيكلة القوات السورية وفي العام 2017 أحكمت روسيا سيطرتها علي المؤسسة العسكرية السورية مما ادي لتكرار تجربة العراق مع الاختلاف في بعض التفاصيل الأمر الذي حول الجيش السوري العربي الي مجرد اداة في يد روسيا حتي اللحظة ٫ ومازال الشعب السوري يعاني القتل والتشريد والحرب ولم يعد هنالك وجود للجيش السوري ولكن مجرد كتائب روسية تحارب من غير عقيدة آو انتماء.
■ تفكيك الجيش الليبي 2017 !
بعد الاطاحة بنظام القذافي عبر ثورة شعبية في العام ٢٠١١ اندلعت حرب أهلية في العام ٢٠١٤ مما ادي الي انقسام في الجيش الليبي وتحولت بعض الكتائب المنشقة الي مليشيات عسكرية قائمة علي اساس عشائري وقبلي وصارت هنالك مجموعات مرتزقة تقاتل لصالح عدد من المحاور مقابل المال ٫ الأمر الذي اضعف المؤسسة العسكرية الليبية وصارت تتقاتل فيما بينها وزادت اعداد المليشيات بشكل مريب مما تسبب في تدخل العديد من الدول التي شعرت بتهديد مصالحها في الشأن الليبي الداخلي ٫ وقد علت الاصوات المطالبة بإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية الليبية التي تفرض دمج المليشيات المسلحة التي تقاتل لصالح أجندة محددة داخل المؤسسة العسكرية ونشأت آلية 5+5 ولقد فشلت حكومة الوفاق الوطني التي ترعاها الأمم المتحدة في ايقاف نزيف الدم الناتج عن الحرب الأهلية وهذا ما تحاول جماعة فولكر تطبيقه في السودان بعدما فشلت في ليبيا .
■ تفكيك الجيش اليمني 2012!
بعد اندلاع الثورة اليمينية في العام ٢٠١١ سقطت حكومة عبد الله صالح حدثت فتنة كبيرة تسببت فيما يشبه الحرب الأهلية وظهرت عدد من المليشيات المسلحة متعللين بعدم قومية الجيش اليمني ومطالبين بتفكيكه واعادة هيكلته وبالفعل حدثت عملية اعادة تشكيل في اغسطس ٢٠١٢ وتم انشاء قوات الاحتياط الاستراتيجي وتم الغاء الحرس الجمهوري والفرقة الأولي مدرع وتم الاستيلاء علي ممتلكات الجيش وتوزيعها ليتشكل بعد ذلك جيش ذا عقيدة قتالية مبنية علي مصالح المحاور والأمم المتحدة ٫ ومازال الشعب اليمني يعاني من ويلات الحرب وعدم الاستقرار واصبحت اليمن بدون سيادة وطنية حقيقية
■ محاولة تفكيك الجيش السوداني!
في ديسمبر 2018 إندلعت ثورة شعبية أسقطت نظام البشير في أبريل 2019 بعد أن انحازت قوات الشعب المسلحة لخيار الشعب وتكونت اللجنة الأمنية العليا التي ضمت كافة قطاعات المؤسسة العسكرية ٫ ولكن ايضاً تدخلت الأمم المتحده في الشأن الداخلي السوداني وبعد تشكيل حكومة حمدوك طالب حمدوك في غفلة الأمم المتحدة بالتدخل بالبند السادس الأمر الذي اثر علي استقرار الفترة الانتقالية ٫ وبعدها ظهرت الأجندة المطالبة بتفكيك المؤسسة العسكرية بحجة أن الجيش لا يمثل كافة قطاعات الشعب السوداني ٫ وظهرت عدد من المليشيات المسلحة بعضها كان موجوداً في عهد البشير وبعضها نشأ حديثاً بعد الثورة ٫ ولقد حاولت بعض الاحزاب اليسارية اشعال فتيل الحرب الأهلية أكثر من مرة الا أن مؤسستنا العسكرية كانت أكثر اتزاناً ووعياً وتعاملت مع المواقف بحكمة ورشد ٫ وهنالك من حاول إدخال المؤسسة العسكرية في حرب إستنزاف حدودية من أجل إضعافها الا أن جيشنا السوداني كان علي قدر المسؤلية وحقق المزيد من المكاسب .
■ الخلاصة!
يجب علي السودانيين أن يدركوا أن أي مطالب بتفكيك أو اعادة هيكلة الجيش ما هي الا محاولة لاستهداف أمن وإستقرار السودان عبر تدميره وإشعال الحرب الأهلية فيه بينما تنفذ المحاور والأمم المتحدة أهدافها بكل سهولة ٫ فالسودان بموقعه الجغرافي يعتبر أكبر مطمع إستراتيجي لعدد من الدول المجاورة ٫ وتعتبر المؤاني السودانية أكبر حلم تريد أن تسيطر عليه دوله إقليمية معروفه ٫ وحتي تكتمل مجموعتها من الموانئ العربية والافريقية ٫ كذلك تسعي الأمم المتحدة لإبقاء السودان تحت الوصاية الدولية لإطول فترة ممكنه فكل تلك المكاسب لن تأتي الا اذا تم تفكيك المؤسسة العسكرية .
كتبها : د. محمد نور السموأل