الجيش والتمرد مقارنات مفخخة ومؤامرات خبيثة

بينما يسيطر الجيش بصورة كاملة على ولايات السودان باستثناء بعض مناطق دارفور ما زال البعض يقارن بين التمرد والجيش لأن التمرد ما زال هائم في الخرطوم وبالطبع هذه مقارنة مفخخة. فالخطة السياسية للتمرد بعد أن فشلت محاولة احتلال الدولة ترمي لهذه المقاربة في ميزان القوى لتصوير استحالة النصر العسكري للجيش ليسحب التأييد الشعبي من الجيش ويجره للتفاوض للعودة لوضعه السابق على الأقل. لذلك جلب التمرد معظم قواته للعاصمة حيث الكثافة السكانية و موضع النظر والتركيز الإعلامي والسياسي المحلي والعالمي. وهذا ما صرح به القائد العسكري للتمرد باكرا بعد هزيمته في مروي حيث قالها صراحة أنا هدفي الخرطوم. وبالطبع لا يمكن أن يكون ساعيا للسيطرة على الحكم الآن بالسيطرة على الخرطوم فقط وكل السودان خارجا عن يده. وحسب الوضع الراهن فهو يعلم باستحالة سقوط الخرطوم في يده فالجيش الذي صمد ساعات الغدر الأولى لن ينكسر الآن بعد أن دك معظم معسكرات التمرد. ويعلم التمرد أن كل شمس تشرق أو تغيب يفقد رتلا من العتاد والجنود. وكما قال أ الطاهر التوم الجيش يكسب المعركة بالنقاط وليس الضربة القاضية.. حيث طبيعة المكان لا تحتمل. لذلك سيحاول جاهدا خلال هذه الفترة أن يحدث زوبعة في العاصمة وبالتوازي يحرك أبواقه السياسية الخائنة للوطن بعبارات رنانة ومفتوحة مثل لا للحرب.. أوقفوا الحرب فورا مهما كان الثمن…سعيا ماكرا للتفاوض وإعادة التموضع. ولكن كل المؤشرات تدل على أن الجيش والشعب عازمين على الانتهاء من هذه الأزمة بصوة جذرية حتى لا تتكرر دولة برأسين بترجيح أن نعود مجددا لهذه الحرب بعد فترة وجيزة بعد إعادة ترتيب الصفوف فالسودان اليوم لا يأمن المتمرد الجميع يعلم أن الحل الجذري معه حسمه تماما فقد عرف بنكص العهد والخيانة ومسألة الغدر في حال إعادته للسلطة مسألة زمن لا غير وبهذا ينطبق علينا قوله تعالى ” ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ..الآية” فما معنى هذا الموت والخراب والدمار إن كنا سنعود للوضع السابق!

ولا شك أن الفصيل السياسي للتمرد يقرأ الآن المشهد ويعلم توجه و توق الشعب للحسم الكامل. وبذلك في حال فشل التفاوض فالخطة التالية هي السعي للتدخل الدولي بإدانة الجيش وربما يتم إدانة الجيش والتمرد حتى لا تنكشف المؤامرة وبعدها السعي لتدخل دولي تحت مبرر الظرف الإنساني. وقد بدأت هذه الدعوات متسقة مع ما ذكره فولكر في خطابه لجلسة مجلس الأمن الخاصة بالسودان حيث قال ” كلا طرفي النزاع يقاتلان بانتهاك كامل للقوانين ويستهدفون المناطق المدنية بشكل عشوائي ولا يحترمون المستشفيات ولا المنشئات المدنية ولا حتى السيارات التي تنقل المرضى والجرحى” هذا الاتساق في الموقف يشير إلى أن مطبخ المؤامرة واحد.

بعض المواطنين وقعوا بعفوية في فخ أن الجيش تأخر في حسم المعركة وإذا تزايد الضغط الشعبي على الجيش بالاستعجال إما أن يستعجل لحسم المعركة بخسائر كبيرة وعندها مخطط التدخل جاهز أو أن يدفعوه دفعا للتفاوض. لذلك ثقوا بجيشكم فهو يقود معركة الكرامة الوطنية باحتراف يحرص على أرواحكم وممتلكاتكم يدرك أبعاد المؤامرة السياسية و العسكرية والخارجية لا تضغطوه أكثر من ذلك فهو يواجه كل هذه الجبهات بصبر وثبات. بل واصلوا دعمكم السياسي والإعلامي ووقوفكم القوي مع جيشكم اخرجوا في كل المدن الآمنة للقيادة العامة اهتفوا مع جيشكم أعلموا العالم أنه جيش واحد شعب واحد لينظر العالم أن كل الشعب خلف الجيش. واصبروا وصابروا مثل جنوده الذين تركوا المدن الآمنه وجاءوا للعاصمة حيث القتال بينما يخرج الناس. ومن ضاق فله العذر في الخروج لمكان آمن حتى تنجلي الأمور وتعود العاصمة كما كانت أمنا وأمانا ملكا لشعب واحد بجيش واحد.

صديق أبوالقاسم
أستاذ جامعي
٢٩ أبريل ٢٠٢٣م

Exit mobile version