هشام الشواني: هل الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب؟

لنفهم ذلك وبطريقة منصفة فإن هذه الحرب لها جذور عبارة عن مزيج معقد من عوامل كثيرة، اجتماعية واقتصادية وتاريخية وطموح شخصي و أسري وتدخل خارجي، ولقد تضافرت تلك العوامل كما كانت تفعل طوال تاريخ السودان لتصنع تمردا شريرا يستهدف ويستعدي الدولة، لكن الأمر الآن مختلف، فالتمرد بدأ من داخل الدولة وضد الدولة، حميدتي ظاهرة لتمرد داخلي صعد ونما عبر مراحل تحالفات انتهازية مع الدولة، ظاهرة حميدتي نتيجة لهشاشة وأخطاء وظروف، وقد كان ممكنا لهذا المزيج المعقد إذا ما أخذ التوجيه الصحيح أن يساهم في ترسيخ وتعزيز المسار الوطني، لكنه ذهب نحو التمرد والتفكيك وتحالف مع محور الشر.
هنا يأتي دور الاتفاق الإطاري، فتحالف حميدتي مع الإطاري وقواه السياسية لا يصدر عن قناعة بتلك الشعارات الكاذبة حول الديمقراطية، لو صدقوا ذلك لكانوا أغبياء، ولا أظنهم على هذه الدرجة من الغباء! ما الذي حدث إذن؟ لقد تحالف حميدتي معهم لأن الاتفاق الإطاري الهش وبما يحويه من تناقضات سيحقق له هدفين أساسيين:
الأول: منحه شرعية سياسية لتكوين جيش موازي مع أجل طويل معلق للدمج وتحرر من سلطة الجيش.
الثاني: إضعاف القوى الوطنية التي تعادي طموح الرجل وتدعم الجيش.
بهذه الأهداف دخل حميدتي الاتفاق الإطاري، وهنا يأتي السؤال:
كيف نظرت قوى الحرية والتغيير لهذا التحالف مع حميدتي؟
الحقيقة أنها نظرت له كتحالف مرحلي يمكنها عبره الوصول للسلطة ثم التفكير لاحقا فيما يجب أن يكون، وقد خدعها حميدتي برفع عقيرته ضد النظام البائد والإسلاميين. إن سذاجة هذه القوى السياسية وضيق أفقها وشبقها المريض للسلطة دفعها لتصنع وتدعم اتفاق سياسي يمنح التمرد الغطاء الضروري لجريمته، ويمنحه الدعاية الكافية لتسويق نفسه للغرب والمجتمع المدني والأمريكان. وبذلك فإن العملية السياسية الفاشلة والعقل المخطط لها منح التمرد سببا سياسيا هو التتويج النهائي لكافة الأسباب التاريخية، وهنا فإن على القوى السياسية أن تقوم بمراجعات جذرية فكرية وأخلاقية.
التحليل السابق يفترض حسن النية، وهو يمثل للإنصاف جزء من هذه القوى ولكن ثمة جزء آخر داخل (قحت) كان له تنسق بدرجة أعلى مع قائد التمرد، وخصوصا تلك الشخصيات التي مثلت مشروع تفكيك السودان وحصاره منذ الثمانينات، وهي شخصيات عرفت بالتخريب والتدمير والفشل السياسي. هذا التيار لا يمثله حزب محدد بل هو (لوبي) واسع النشاط ومتنفذ داخل قحت ويوجد في كل أحزابها وفي غالب منظمات المجتمع المدني.
بما سبق فإن طرح سؤال هل الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب؟ فالإجابة هي: نعم تماما. هو السبب السياسي الأخير للحرب، والسبب السياسي بطبيعته يحمل بداخله كل الأسباب الأخرى، فالاتفاق الإطاري غذى الحرب وأشعلها، وكان بمثابة الخطوة السياسية اللازمة للتمرد قبل تحركه. لقد كان الاتفاق الإطاري أشبه بالغطاء السياسي للتمرد وقد منحه المرجعية السياسية اللازمة لجريمة التمرد.
#جيش_واحد_شعب_واحد

هشام الشواني

Exit mobile version