🌻دور منظومة البناء المعنوي بالقوات المسلحة السودانية في تحقيق الانتصار🌻*
✍🏽 *بروفيسور علي عيسى عبد الرحمن*
يعتبر البناء المعنوي لفرد القوات المسلحة السودانية الأفضل بين أقرانه عالميا ، فهو يرتكز على محفزات غيبية ومستمد من ارث الفروسية السودانية ، بينما معظم قوات العالم الان تبني معنوياتها على محفزات مادية ( مرتبات مخصصات تهيئة بيئة القتال) فهذه المحفزات المادية لا تصمد عند المواجهة، فما يثبت في المواجهة هو البناء المعنوي القائم على العنصر الغيبي (الإيمان بالله وملحقاته) والتراث الفروسي التراكمي للفرد المقاتل وهذا ما حاز عليه المقاتل السوداني .
يظل العامل المعنوي عنصرا مهما في حسم المعارك على مر التاريخ ، ولعب دورا مهما في حسم المعارك سيما قبل تطور السلاح وتقول النظريات القتالية في ذاك الوقت بأن نسبة العامل المعنوي في تحقيق النصر تصل إلى 50%. قال تعالى ( فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) نسبة 1 الى 2 هنا دور الإيمان في تحفيز الروح المعنوية لذى المقاتل المسلم فالأمر واضح بالنسبة للمجاهدين .
عرف عن السودان الاستماتة في ميادين الوغى منذ قديم الزمان وقد حقق رماة الحدق أقصى شمال السودان انتصارات مهمة على أعدائهم في ذاك الوقت ، كما استطاعت الدولة المهدية تحقيق الانتصار على الغزاة ودحرتهم وحررت البلاد ، كما لعبت جهود قوات دفاع السودان دورا حاسما إبان الحرب العالمية الثانية.
ظل البناء المعنوي بالقوات المسلحة السودانية فترة ما بعد استقلال السودان يرتكز على عوامل مختلفة منها الديني ، فالعامل الديني يستمد منه الشحنة المعنوية باستمرار فهو الذي يعطي مشروعية القتال وفق اهداف تتماشى مع تعاليم الدين .
كما استمدت القوات المسلحة الروح المعنوية من العامل التاريخي فهو الذي يعبر عن البطولات القتالية عبر مجاهدات الآباء التاريخية التي يتوارثها الأجيال كرصيد في رفع الروح المعنوية .
كذلك ضمن عناصر رفع الروح المعنوية لدى المقاتل السوداني عادات وتقاليد الشعب السوداني المتضمنة في تراثه والتي تدعو إلى الفروسية ورفع الروح المعنوية، فالتراث السوداني حافل بعناصر رفع الروح المعنوية كالمصارعة والجلد في الأفراح أو ما يعرف بـ “البُطان”،
واغاني الحماس والحكامات والعرضة ، كل هذا التراث لا تجده في الجيوش العربية والإسلامية الأخرى
، فقد خص الله المقاتل السوداني وميزه به عن غيره ، وأصبح عاملا مهما في رفع الروح المعنوية وتحقيق الانتصار لدي المقاتل السوداني .
بمجئ دولة المشروع الحضاري فقد اهتمت الدولة العميقة ( الراسخة) بالبناء المعنوي بالقوات المسلحة واعتمدت هذا التراث السوداني الفروسي ووجهته ضمن ما عرف بمشروع الجندية في الاسلام بالقوات المسلحة وهو حجر الزاوية في البناء المعنوي للقوات المسلحة السودانية ، وقد تطلب تنفيذه تغييرات هيكلية وبرامج تاهلية وإعدادات للبيئة وارشادات نفسية .
بموجب مشروع الجندية في الاسلام فقد اصبح شعار القوات المسلحة السودانية ( الله غايتنا… الرسول قدوتنا… الجهاد سبيلنا ) لينداح المشروع وفق تراتبية تبني فرد القوات المسلحة على العقيدة والعقيدة القتالية المستمدة من قيم الاسلام الاسلام .وتتدرج الى تعليم فرد القوات المسلحة فقه العبادات والمعاملات وآداب الجندية في الإسلام .
عبر المشروع تتم معالجة المظهر العسكري وسائر شؤون القوات المسلحة وفق هدى الإسلام .
اما التغيير الذي تم داخل المؤسسة العسكرية لتلبية مطلوبات هذا المشروع فقد تمثل في هيكلة فرع التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة فقد تم ترفيع فرع التوجيه المعنوي الى إدارة التوجيه المعنوي لثثرفع تلقائيا الشعب التي كانت تتبع لفرع التوجيه المعنوي لتصبح افرع تتبع للادارة وأصبحت الإدارة تضم ( فرع الإعلام العسكري ( بدلا عن شعبة الإعلام ) ، وفرع العمل المعنوي ، وفرع الحرب النفسية وتحولت مدرسة التوجيه المعنوي الى معهد التوجيه المعنوي ،….الخ ) ومالبثت أن تطورت إدارة التوجيه المعنوي الى نائب توجيه ليدخل البناء المعنوي ضمن تشكيلة هيئة الأركان ، شانه شان النائب ادارة والنائب عمليات والنائب امداد ، فالنائب توجيه هو من تقع عليه استدامة البناء المعنوي بالقوات المسلحة والحقت الخدمات الاجتماعية كشق مكمل للعمل المعنوي .
انتظمت جهود البناء المعنوي لتشمل الوحدات القتالية والوحدات المساندة الأخرى، فسمق البناء .
مدرسة التوجيه المعنوي تم ترفيعها إلى معهد التوجيه المعنوي وتطورت دوراتها ، بل تم اعتماد دبلومات وسيطة بها من قبل جامعة أم درمان الإسلامية فيما عرف بكلية التنمية البشرية فرع القيادة الذي يمنح الدبلوم الوسيط ( والتصعيد المباشر للبكلاريوس بجامعة أم درمان الإسلامية ) وشملت التخصصات الدراسات الاسلامية والشريعة والقانون والإعلام والحاسوب والمحاسبة ليغطي مطلوبات البناء المعنوي ويرفد القوات المسلحة في تخصص المحاسبة والحاسوب ولعل معهد التوجيه المعنوي كان الملهم لفكرة إنشاء جامعة كرري .
انتظمت الدورات العلمية المتخصصة في مجال التعاليم الإسلامية بمعاهد ومدارس الوحدات العسكرية المختلفة ومراكز التدريب القتالي . كما تم ابتعاث أفراد من القوات المسلحة إلى مؤسسات التعليم الإسلامية لمزيد من التفقه في تعاليم الإسلام ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون .
تم استحداث من الوسائل والاساليب ما يعين على أحداث النقلة المعنوية داخل المؤسسة العسكرية ويعزز البناء المعنوي استنادا على الإرث المعنوي التقليدي ، فكان مهرجان الجلالات الذي هدف إلى ترقية الجلالات العسكرية وتنقيحها وربطها بالقيم الإسلامية وكان هذا المهرجان تشارك فيه كل وحدات القوات المسلحة وتقدم عروضها في مجال الجلالات العسكرية ومالبث ان تطور مهرجان الجلالات ليصبح مهرجان الإبداع العسكري وفيه تعقد المنافسات سنويا بين الوحدات العسكرية في مجال الشعر والغناء والمسرح والقصة بانواعها ويقدم فيه كل ما يعزز البناء المعنوي .
رسخت منظومة البناء المعنوي قومية ووطنية القوات المسلحة السودانية واعلت من قيمة الوطن لدى فرد القوات المسلحة السودانية .
ساهمت منظومة البناء المعنوي في تماسك ووحدة القوات المسلحة السودانية .
عملت منظومة البناء المعنوي وعلى مستوى أعلامها المشاهد والمسموع والمقروء على توعية فرد القوات المسلحة وكشف مخططات الاعداء ومكامن الخطر والمهددات التي تواجه البلاد .
لذلك فرد القوات المسلحة الان يقاتل وهو على وعي وإدراك تام بحجم الاستهداف وبمن هو العدو الحقيقي للوطن .
يقاتل فرد القوات المسلحة دون أن يكل أو يتقاعس عن دوره حتي يحقق كل اهدافه من هذه المواجهة التي فرضت عليه .
يقاتل فرد القوات المسلحة وهو مسنود بشعبه الذي لم ولن يتخلى عنه