علمي المتواضع أن لدينا معهد للدبلوماسية يتبع لوزارة الخارجية، وهو أمر عظيم رغم عدم معرفتي لشكلية المواد التي تدرس فيه، ولكني أكاد أجزم أن هذا المعهد يمكن أن يدرس كل شيء لطلابه وهم في طريق تمثيلنا في الخارج إلا دبلوماسية (التعامل) والاخلاق الكريمة والتواضع، فكل من أكرمه الله بالدخول للسلك الدبلوماسي وسافر للعمل بسفاراتنا بأحدي دول العالم، يتحول فجأة إلى شخص آخر غير (سوداني)، ويصاب بعقدة التعالي والنرجسية وتصبح نظرته للجالية هناك بأنهم مجموعة من المشرّدين الهاربين من بلادهم، وهم مجموعة لا تستحق الرحمة او الشفقة او التعاطف.
اقول ذلك عن بعض التجارب الشخصية قبل أن تصلني تلك الرجاءات والشكاوى من بعض المواطنين المقيمين بـ(جدة) عن تضررهم كثيرا من عدم تجديد اقامتهم، وتقييد حركتهم بسبب تأخير استلام جوازاتهم من قبل القنصلية العامة بجدة، بعد عمل كل الإجراءات اللازمة وسداد الرسوم المقررة والتي تقارب (الألف ريال) لأكثر من خمسة واربعين يوماً، ويخرج عليهم السادة اعضاء السفارة كل صباح بعذر جديد من عدم وجود شبكة، أو ضرورة إعادة الإجراءات من جديد، بعد عشرة أيام من اكمالها،
المشكلة أن لا أحد يعرف مصير تلك الجوازات حتى الان وأين هي وعند الاستفسار من القنصلية تتم الافادة باختصار بكل برود بأنها لم تصل.. وشكرا..
ولن اتحدث عن سوء المعاملة من قبل موظفي السفارة للنساء والاطفال، وعدم الاستجابة للاتصالات لتوضيح الخلل مع الأسلوب الغريب للرد، والطلب من المواطنين التأكد عبر وزارة الداخلية والخارجية أو السجل المدني، فلو أن المواطن كان يمكنه أن يفعل ذلك فما قيمة القنصلية، التي تستلم رسوم تلك المعاملات أضعافا مضاعفة، بالاضافة للوضع غير الكريم ومحترم للمواطنين الذين يعولون أسرهم في السودان، وهم يتهربون من مواجهة السلطات السعودية في ظل عدم حصولهم على الأوراق الثبوتية، الأمر الذي أضرّت بعدد كبير جداً من المقيمين رجالا ونساء وأطفالا، قنصليات البلاد بالخارج والتي من المفترض أن تكون الملاذ الاول للمواطن في وقت الشدة، تحولت بسوء التعامل والتعالي إلى (بعبع) يهرب منه المواطنين للمعاناة التي يقابلونها من العاملين فيها، ويتحاشى الجميع الدخول اليها خاصة في دول الخليج وهو أمر يحتاج لأقامة مؤتمر نرفع من خلاله من قيمة المواطن السوداني، واعطاءه الكرامة اللازمة وحتى يعرف موظفي تلك السفارات بأنهم موجودين هناك لخدمة المواطن ومساعدته على تخطي الصعاب التي تواجهه هناك.
نحن فعلا بحاجة إلى اعادة النظر في عمل قنصلياتنا بالخارج، التي ظلت لسنوات عبارة جهة استخباراتية، ويتم تعيين قنصلها العام من جهاز الأمن، أن لم يكن هناك مجموعة كبيرة من العاملين فيها يتبعون لجهاز الأمن، ولا معنى لوجود معهد للدبلوماسية إذا ما كان هذا حال قنصلياتنا بالخارج، علموا العاملين بتلك القنصليات بأن المواطن وكرامته هي في أول سلم أولوياتهم، حتى لا يعتقد ذلك الموظف أنه جاء لجمع أكبر كمية من الأموال لتأمين مستقبله وهو الفهم السائد بكل أسف..
والثورة مستمرة
والرحمة والخلود للشهداء
والقصاص أمر حتمي
صحيفة الجريدة