من أغرب التصريحات التي نسبت لرئيس حزب الأمة مبارك الفاضل؛ قوله في تغريدة أن الحكومة السودانية طلبت من الأمين العام للامم المتحدة في اجتماع مباشر في نيويورك ابعاد رئيس البعثة السياسية لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس .. واضاف مبارك في تغريدته: (وافق الأمين العام على ابعاد فولكر واعادة هيكلة البعثة؛ وتابع: لماذا لم يتابع وزير الخارجية المكلف التنفيذ)؟
في هذا التصريح الغريب للسيد مبارك الفاضل المهدي.. تأتي المطالبة بابعاد السيد فولكر بيرتس من داخل أروقة الأمم المتحدة وبهذه الطريقة (المعتمة) بحسب زعم مبارك.. والسؤال هل صحيح أن الحكومة السودانية طلبت بشكل رسمي من الأمين العام للامم المتحدة ابعاد رئيس بعثة دعم الانتقال في السودان؟.. واذا كان هذا الخبر (صحيحاً) ما الداعي أصلاً ان يكون خبراً (سرياً- أو غير معلن)؛ لدرجة أن يأتي مبارك الفاضل ويتحدث عنه ويميط عنه اللثام في تغريدة؛ ويصور الأمر وكأنه (شينة ومنكورة)؟.. والحقيقة ان حكومة السودان اذا كانت طلبت ذلك فعلاً؛ ليس هناك أدنى سبب يجعلها (ترقص وتغطي ذقنها).. وكان الأنسب والأصح ان تعلن عن ذلك على الملأ.
لا يختلف اثنان على ان السيد فولكر بيرتس قد تجاوز الصلاحيات الممنوحة له؛ والتفويض الذي حمله من الأمانة العامة للأمم المتحدة.. ولا يختلف اثنان ان السيد فولكر بيرتس قد أصبح مثالاً (سافراً) للتدخل الأجنبي في الشأن السوداني.. بل أنه من خلال تواجده في السودان اكتشف ان الحكومة السودانية لا تجرؤ ولا تقوى على معارضته أو انتقاده في العلن.. لأنه يعلم تمام العلم ان هذه (أضعف) حكومة مرت على السودان.. وهي بعيدة جداً لتنتفض لكرامة مواطنها او أرضها من هؤلاء الأجانب.
في حالة قريبة جداً؛ قامت دولة تشاد الشقيقة بطرد السفير الألماني مباشرة؛ دون ان تمنحه الاذن في ان يلملم حاجياته؛ وخرج السفر الألماني حسيراً ذليلاً من انجمينا؛ في أحدث عملية طرد تتم لسفير دولة غربية.. لكن يا ترى هل تصبح الحكومة السودانية ممثلة في مجلس سيادتها الذي يرأسه السيد الفريق أول عبد الفتاح البرهان بذات درجة (شجاعة) القائد محمد ديبي الذي صرح بطرد السفير الالماني دون تردد.. لا أظن ان الحكومة السودانية وصلت لهذه الدرجة من الشجاعة.
وهذا الأمر هو الذي شجع السفراء العرب والغربيين الموجودين في السودان على تجاوز صلاحياتهم وتفويضهم الدبلوماسي؛ وأصبحوا يقررون في الشأن السوداني كما يريدون دون ان يواجههم احد أو ان يقول لهم ان هذا الذي تقومون به هو بعيد عن التفويض الدبلوماسي وما هو الا تدخل سافر في الشأن السوداني؛ ولذلك تمادوا في أفعالهم وقديماً قيل ان من (أمن العقاب أساء الأدب).. وهذا هو حال لسان السفراء الغربيين في الخرطوم.
في السابق كان الرئيس البشير لهم بالمرصاد؛ وقد رصدت دفاتر الدبلوماسية عندنا العديد من السفراء الذين تم استدعاؤهم ومن ثم اتخذت بشأنهم قرارات هي في صالح الوطن وكرامة المواطن.. وحتى اولئك الذين لم تطالهم قرارات كانوا يواجهون بـ(صرف البركاوي).. والتحذيرات المباشرة على عدم تجاوز الحدود… ما قاله مبارك بشأن فولكر بيرتس يحتاج لتوضيح من وزراة الخارجية السودانية؛ وهل فعلاً هم طلبوا ابعاده.. واذا تم ذلك لماذا يغطون وجوههم؛ ولماذا لا يعلنون ذلك على الملأ.؟
صحيفة الانتباهة