ما زال الحديث عن صلاحيات جهاز المخابرات العامة قائماً؛ وهو جدل (عقيم) تريد من خلاله بعض القوى السياسية استغلال أجواء الثورة لتقوم بضرب مراكز القوى في الدولة السودانية واضعافها؛ ليسهل بعد ذلك السيطرة الكاملة على الدولة.. وبرز هذا الاتجاه بقوة في أعقاب الثورة السودانية عندما سيطرت مجموعة صغيرة على الثورة ومكتسبات الشباب لتحقق مآربها؛ وتقوم على هذا العمل مجموعة من حملة الجوازات المزدوجة التي تعمل بشكل مخجل في خدمة أجندات خارجية.. وبرزت بقوة التدخلات الخارجية في الشأن السوداني؛ وبدا هذا الامر أكثر وضوحاً عندما صار السودان (أرضاً سهلة) للتدخلات المخابراتية وأيادي السفارات التي تستخدم ادوات محلية من (العملاء) الذين يخدمون أجندة دول خارجية ولا يأبهون لما يحيق بالسودان بعد ذلك.
في هذا الملمح ظهر الوجه القبيح الذي يسعى بشتى الشبل لاضعاف المؤسسات العسكرية السودانية؛ وكانت اولى الخطوات اضعاف جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي طالته التعديلات حتى في اسمه واصبح يحمل اسم (جهاز المخابرات العامة)؛ ومن بعد استمرت الخطوات لتطال صلاحيات الجهاز؛ التي تضاءلت في عهد السيد حمدوك؛ واصبحت مقتصرة فقط على جمع المعلومات وتحليلها؛ واخذت عن الجهاز كامل سلطاته وصلاحياته الاخرى في الضبط والاعتقال؛ وأصبح اسم الجهاز رديفاً للجيش والشرطة في استتباع شركاته ومؤسساته لوزارة المالية وأن تسلب منه أي سلطة ادارية منفصلة لاستثمارات أو شركات؛ ورفعت في هذا الجانب شعارات مثل (حاكمية وزارة المالية على المال العام) وهي كلمة حق اريد بها باطل؛ والغرض منها اضعاف الجهاز.
لم يمض كثير وقت بعد تلك الخطوات حتى برزت بقوة اتجاهات أخرى داعية لاضعافه فيما عرف بورش اصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية؛ وهي الورش التي نادت بكل جرأة وتسيدها الأجانب؛ الى سلب المزيد من الصلاحيات عن جهاز المخابرات العامة؛ بل إن بعض الأوراق تحدثت عن انشاء جهاز لـ(الأمن الداخلي)؛ وهو جهاز أريد منه سلب كامل صلاحيات جهاز المخابرات لصالح جهاز لا خبرات ولا تجارب له.. ويرى بعض الخبراء أن مقترح انشاء (جهاز للأمن الداخلي)؛ في ظل الظروف الراهنة للسودان؛ وتحت مظلة حكومة غير (منتخبة) ووسط بيئة سياسية مليئة بالاختلاف سيؤدي حتماً ويقود لممارسات وقمع غير مقبول؛ وتكون محصلته النهائية هي اضعاف جهاز المخابرات العامة واخراجه عنوة من المعادلة.. وهي الخطوات التي تسعى لها بشدة دوائر استخبارية دولية لسهولة السيطرة على السودان ومن ثم تقسيمه لدويلات وابتلاعه بالكامل.
ويرى في هذا الجانب الخبير الأمني الفاتح عثمان وهو يتحدث لـ(الانتباهة) عن فكرة تكوين (جهاز أمن داخلي) وبرر ذلك بأن الفكرة غير مناسبة حالياً في ظل التوتر الحالي الكبير جداً بين القوى السياسية السودانية ووجود شبهة في امكانية تكوينها بما يخدم مصالح القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الاطاري ويسبب الضرر للقوى السياسية غير الموقعة وفي ظل حكومة غير منتخبة وغير موسعة.
أي محاولة حالياً لاضعاف جهاز الأمن والمخابرات العامة؛ أو تقليص صلاحياته ستؤدي وتقود الى (دولة ضعيفة) يسهل ابتلاعها في ظل الحروب الخفية وغير المعلنة بعد أن صارت أرض السودان مسرحاً عبثياً لقوى استعمارية ودوائر مخابراتية دولية.. وهنا لا بد أن تستصحب العقول السودانية الوطنية وهي تدفع هذا (الخبث) عن أرض الوطن؛ هذه القضية لتعلم ولتعي أن تقليص صلاحيات الجهاز أمر غير محمود ويقود حتماً لاضعاف الدولة على المدى البعيد.
صحيفة الانتباهة