حيدر المكاشفي يكتب: البرهان على طريقة البصيرة أم حمد

كعادته كلما اعتلى منصة مناسبة، عرسا كانت أو لمة عساكر أو مأدبة، درج البرهان على التحدث بما يخبئه ويضمره عقله الباطن، بينما عندما يحادث المبعوثين الدوليين يستحضر عقله الظاهر، وتحضرني هنا حكايته مع جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي إلى القرن الإفريقي، حيث اجتمع به فيلتمان عصر يوم 24 اكتوبر 2021، فحادثه البرهان بعقله الواعي وطمأنه بأنه لن ينقلب على الحكومة فيما كان عقله الباطن يستبطن الانقلاب، ولم تمض سوى سويعات ليصدم المبعوث الامريكي ويتفاجأ بوقوع الانقلاب، وكثيرا ما كان البرهان يقول شئ ويعمل ضده ويوقع على شئ ويفعل عكسه عمليا، ولكم في الاطاري عبرة ودرس..وكل ما قاله من قبل عقله الباطن كوم وما قاله بالأمس كوم لوحده..البرهان قال في مناسبة افطار رفيق السلاح والانقلاب ياسر العطا، (على الجميع مغادرة الساحة حال تعذر الوصول لوفاق وتفاهمات تنهي الأزمة السياسية، و أضاف إذا فشلنا في عمل أكبر كتلة من التوافق الوطني، تقود البلد والتغيير، يجب أن نمضي إلى الخيار الثاني ، بأن نذهب كلنا ونغادر المشهد، و تابع البرهان رأينا التجاذب بين المجموعات السياسية وأنا بصراحة أرجو منهم جميعا التنحي جانبا، نحن والكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي نبعد جميعا ونفسح المجال لآخرين)..طيب يا برهان الآخرين البتفسحوا ليهم المجال ديل منو وبتجيبوهم كيف..الاجابة الوحيدة هي افساح المجال لعودة الفلول اما بانقلاب أو انتخابات مبكرة، وهما خيارين مثل خيار أم خير الذي يقول عنه المثل لا هو أخير ولا الموت أخير، ويا له من خيار مردود عليه باعتبار أنه جزء من الأزمة، بل أسها وأساسها، وبالضرورة لن يكون صاحب حلها ..

شخصيا استبعد الانقلاب وأتوقع أن يعلن البرهان اقامة انتخابات مبكرة وهو الأرجح، ولكن هذا خيار وحل يستدعي حكاية البصيرة أم حمد، ذلك لأن الانتخابات اذا أقيمت في ظل هذه الأوضاع الكارثية التي وضعت البلاد على حافة الانهيار بعد الانقلاب، ستزيد (المطمبج طمبجة)، ولن يخوضها الا الفلول اذا أجريٍت، هذا فضلا عن أن الانتخابات استحقاق يحتاج إلى شروط دستورية وقانونية وسياسية واقتصادية ومفوضية مستقلة وإحصاء اسكاني، ولا يمكن ان تتم بدونها الا اذا أريد لها ان تكون انتخابات شائهة ومشوهة وغير معترف بها، بالإضافة إلى حاجتها للسلام والأمن والاستقرار وتهيئة المناخ والحريات وتطبيق المعايير الدولية والحقوق الأساسية، التي أرسيت في القانون الدولي لحقوق الإنسان وغيرها، لأنها وسيلة للاستقرار السياسي تحتاج إلى تحضيرات جيدة لإنتاج وضع يساهم في الاستقرار السياسي، ونتائجه تكون مرضية لأطراف العملية السياسية، وليس تعقيد الأمور والردة إلى الخلف والدخول في دوامة عدم الاستقرار السياسي، علاوة على مخاطر انتشار السلاح ووجود ميليشيات وحركات مسلحة ونازحين ولاجئين الخ..ويبدو أن البرهان يسعى لهذا الحل المعطوب معصوب العينين ومنقاد للفلول دون ان يدري على طريقة البصيرة أم حمد، فالبرهان بانقلابه أدخل البلد كلها داخل الجرة، والان يريد ان يقطع راس البلد ويكسر الجرة على طريقة البصيرة أم حمد بوهم انقاذ البلد، ولكنه كما حال من استشاروا البصيرة أم حمد (سيفتح البلد على المجهول ويوديها في ستين داهية)..

صحيفة الجريدة

Exit mobile version