تتعمّد المؤسسة العسكرية حالة إثارة الرعب بين المواطنين، لتعيش الخرطوم على صفيح من الخوف والتوتّر والحذّر،
وما يحدث ليس بسبب عناصر النظام المخلوع كما يعتقد البعض، لكنه بسبب القيادة العسكرية التي تفتح الابواب والنوافذ لتكون الفوضى مسموحة، وليمارس كل المتربصين بالتغيير هواياتهم المفضلة في نشر الشائعة والترويج السلبي للخلافات، والتلويح بإعمال التخريب ونصب خيم العزاء للعملية السياسية، وكله سينتهي دون أن يحقق هدفا واحداً، لأن الوصول الى المدنية أمراً بات محسوماً، ولو بعد حين. فتزامن تصريحات القيادات الاسلامية مع تصريحات الادارة الأهلية، وغيرها من اساليب التثبيط، جلها فرقعات وأدوات تستخدم في عملية العرقلة والتتريس السياسي
ولأن كل خيوط الشبكة واحدة، تتزامن معها تحركات آليات ودبابات عسكرية من امدرمان للخرطوم وبالعكس، كاستعراض عسكري تطرد به المؤسسة شبح صوت التغيير الذي يلاحقها ويزعجها بشدة.
وهذا اسلوب درجت عليه المؤسسة العسكرية لتستمد به القوة، وفي ذات الوقت تبث روح الإحباط عند المواطنين والسياسيين ويريد البرهان أن يقول (أنا هنا) وأن زمام الأمر بيدي، ويمكنني فعل ما اشاء وقت ما أريد، كما أنه نوع من أبراز امكانياته القتالية في رسالة واضحة للأطراف العسكرية الأخرى.
ولكن بالرغم من أن حدوث اشتباك ما بين الجيش والدعم السريع ليس أمراً وارداً الآن كما تشتهي الفلول، وذلك ليس لأن القائد ونائبه قلبهم على الوطن، ولكن لأن كلاهما يعلم أن الدخول في معركة يعني الخسارة للأبد، وإن توقعنا نشوب صراع عسكري عسكري، أو تنفيذ أي خطة لفراق الأطراف الموقعة، أي كان بمواجهة عسكرية أو خطط تخريبية أو بعمل واجهات سياسية، نتيجته أن كل من يشارك فيه سيحرر شهادة وفاته بيده، وسيكتب بداية زواله من المشهد بلا رجعة، وهذا يعني أنه ليس هناك خطر قادم لكنها مخاطرة.
والخاسر ليس الوطن كما يعتقد البعض، الخاسر هي الجهات التي تريد اشعال نيران الفتنة، والتي تستجيب لها، فكل الذين يمسكون بعود الثقاب هم أول من سيحترقون به، لكن قضية ومشروع التغيير والعمل على تحقيق أهداف الثورة أمر مستمر لا يتوقف، يشبه النيل في جريانه وتجدّده.
فإن كانت قضية الدمج هي التي خلقت هذه الاجواء المشحونة، فإن الأقرب من المواجهة هو أن قائد الدعم السريع ربما يقدم مزيدا من التنازلات، أن كان بقرار سلمي أو بخطوة مفاجئة تقلب الطاولة على الفلول، وتسهم في الوصول الى تحول ديموقراطي، هذه الخطوة ستكون قاصمة الظهر لكل الذين لا يريدون مدنّية الدولة، فرغبة الرجل في الوصول الى ما يصبوا إليه ستدفعه ليقدم كل ما يساعد في حرق (كرت) المؤامرة !!
طيف أخير:
٦ أبريل، خلي يومك زي طلوع شمس الخريف، خلي شلالك يصب أوع من موجك يقيف
صحيفة الجريدة