رمضان كريم..
ويُقال ضحكتك بالدنيا..
وما معنى ذلك؟….هل يعنون أن ضحكته تساوي الدنيا بحالها؟..
أو كما قال المطرب الهدندوي (فنجان جبنة بشمالها يسوى الدنيا بحالها)..
ومعروف عن الهدندوة – وأهل الشرق عموماً – عشقهم للقهوة..
لا أدري ؛ بل ولا أدري من هذا الذي ضحكته بالدنيا…أو تساوي الدنيا بحالها..
ولكن قد يكون المقصود أن الضحكة تهب الدنيا..
أو إذا ضحكت ضحكت لك الدنيا ؛ فتمنحك – حينئذ – فرحاً…وألقاً…وصحة..
سيما وأن الطب أثبت أن الضحك مفيدٌ للصحة..
وما يهمنا هنا اليوم أن نستبدل كلمة دنيا بمفردة غنوة..
فالعازف محمدية كان يجعلني أطرب لابتسامته…بقدر طربي لعزفه…بقدر طربي لأغنيته..
أو للأغنية التي يتماهى معها عزفاً…وكأنها أغنيته..
وما ذاك إلا لأنها ابتسامة طروب…أو من وحي الطرب..
ولا أبالغ إن قلت أنها كانت (تشهِّيني) الأغنية التي يطرِّز لها لحناً حريرياً من آلة كمانه..
وتلميذه المخلص إسماعيل عبد الجبار يفعل الشيء ذاته من بعده..
ومن الكتابات – كذلك – ما يُطرب…ويُضحك…ويُسعد..
وأحد أصحاب الكتابات الطروب هذه – في بلادنا – زميلنا محمد محمد خير..
وهو – للغرابة – أحد ثلاثة أحبهم ويبادلونني حباً بـ(عكسه)..
أو هكذا يُخيل إليّ – وربما أكون مخطئاً – رغم إن (قلبي دليلي)..
وهذا (العكس) ليس بالضرورة أن يكون كرهاً..
فقد يكون عدم استلطاف…أو عدم قبول…أو عدم قابلية للضحك..
بمعنى إن كنت أراه أنا مضحكا فربما يراني هو سمجا..
فهو رجل جميل…ومبدع…وفنان…سواء أعجبه كلامي هذا أم زاده (عكسا)..
وما زلت أذكر له عزفاً حزيناً..
وذلك في سياق تحسرٍ على حال – وزمان – كتابات بئيسة في أيامنا هذه..
كتابات قال إنها ذات عسمٍ يخلو من أبسط أدوات التطريب..
لا إبداع…لا تجديد…لا فن…لا إدهاش ؛ وإنما هي محض تكرار لمألوف المفردات..
فهي كتابات لا تساوي خردلة ؛ دعك من دنيا…أو غنوة..
وعندما تتناول شأناً سياسياً تزيده مللاً على ملل…وضجراً على ضجر…وقرفاً على قرف..
ولكن هل يمكن الكتابة في السياسة بفن؟..
والإجابة نعم ؛ بل وفي التاريخ…والاجتماع…والاقتصاد…وحتى الفلسفة كذلك..
وأصدق مثال على ذلك محمد محمد خير هذا نفسه..
فهو يكتب بفن حتى عند (تشريحه) كبشاً ووضعه مبضع قلمه على مواطن (أطايبه)..
وهي مهنة أهله التي يكتب عنها بشغف (يُشهِّيك الجزارة)..
بمثلما أنظر الآن إلى محمدية – وإسماعيل – في غنوة الأماني العذبة فيشهياني العزف..
إو إلى تسجيلٍ تلفزيوني قديم لهذه الأغنية..
فهما يتبسمان عزفاً…وخليل إسماعيل طرباً…و(يتبسم زماني)..
وأشعر بإحساس الهدندوي ذاك وهو يحسب نفسه قد ملك الدنيا بحالها…وتضحك له..
لمجرد رؤيته بنتاً جميلة تجلب له (الجبنة) بشمالها..
وأنا أرى – الآن – الدنيا تضحك لي…والأماني العذبة تتراقص حيالي…ويتبسم زماني..
ويتبسم محمدية…ويتبسم كمانه…فتبتسم الأغنية..
وأكاد أغمغم : ضحكتك بالدنيا..
أو بالغنوة !.
صحيفة الصيحة