(١)
كما تعلمون فإن الأحزاب الاوزونية(رمزية لذهنية الهيمنة والمركزة وخفة الوزن الجماهيري) أو قحت المجلس المركزي اختطفت مشروع الثورة السودانية واختزلته في غنائم ومحاصصات بذهنية (الفأر يلتهم الفأر) وعندما أدرك المكون العسكري أن هكذا شراكة ستؤدي الي تكاثر الزعازع وتناقص اوتاد وتفكيك السودان علي اساس صراع الهويات القاتلة فض الشراكة في قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، ثم أعلن انسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية وحفز القوى السياسية الوطنية على ضرورة التوافق الشامل لإدارة المرحلة الانتقالية وصولا إلى ميس انتخابات حرة وديمقراطية كبداية واثقة لشراكة استراتيجية بين القوى السياسية الوطنية في كتلة تاريخية حرجة لصيانة المشروع الوطني الديمقراطي المستدام ووقف دورات الحكم الشريرة (ديمقراطية، انقلاب، انتفاضة شعبية)
(٢)
بعد طرد قحت المجلس المركزي من الشارع الثوري علي النحو الذي تعلمون، وانفضاض الجماهير عنها،كان الخيار الاستراتيجي امامها قيادة عملية حوار وطني شامل لإعادة الثقة بينها وبين قاعدتها الجماهيرية اولا ، ثم بناء الثقة بينها وبين القوى السياسية الوطنية، والشارع الثوري، لانهاء حالة الانقسام والثنائيات المدمرة والتوافق على إدارة المرحلة الانتقالية عبر حكومة حكومة كفاءات وطنية مستقلة، على أن تتفرغ الاحزاب السياسية لعمليات البناء التنظيمي،واستيعاب المجتمع وشباب الثورة في أطرها التنظيمية والاستفادة من طاقاتهم الفكرية والسياسية في تحديث الأحزاب والاستخلاف القيادي، وتواصل الأجيال، وتعظيم الشراكة الاستراتيجية بين كل القوى السياسية الوطنية لتحويل خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية من الإطار التكتيكي إلى الاستراتيجي لتحصين قضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة من الانتكاسات التاريخية
(٣)
لكن ماذا فعلت قحت المجلس المركزي؟؟ نزعت لحوار ثنائي مع المكون العسكري اعادته إلى الواجهة السياسية، وطفقت في تغذية ذات الثنائيات المدمرة (نحن صناع الثورة)(هم أعداء الثورة)، وثنائية(الجيش الوطني) في مقابل( قوات الدعم السريع) وشعارها (حميدتي حمايتي) ثم الاستقواء بالمحور الإقليمي الذي تتصدره دولة الإمارات العربية المتحدة المعادي للنظام الديمقراطي في المنطقة العربية، وثالثة الاثافي تحويل قضايا الثورة والبناء الوطني الديمقراطي من السودنة إلى الدولنة.
هكذا تحررت قحت المجلس المركزي من الشرف الثوري وارتضت الإياب بغنيمة السلطة وبثمارها تعرفونها
باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت
بزق خمر فبئست صفقة البادي
باعت سدانتها بالخمر وانقرضت عن المقام
وظل البيت والنادي
فلا تلحوا قصيا في شراه
ولوموا شيخكم إذ كان باعا
(٤)
ان إعادة إنتاج شراكة السلطة بين قحت أو في ثوبها الجديد قوى الإطاري، والمكون العسكري يعني إعادة تدوير للأزمة السياسية الوطنية، بل إن هذه الشراكة ربما تؤدي إلى سيناريو الحرب الأهلية وانهيار الدولة السودانية، لذلك على المؤسسة العسكرية الوطنية النأي بنفسها عن هذه الشراكة، وعلى القوى السياسية الوطنية والمجتمعية إنهاء حالة الانقسام والتشظي وبناء أكبر كتلة تاريخية سودانية لاستعادة الثورة السودانية وقضايا البناء الوطني الديمقراطي المختطفة من قوى الإطاري وحلفاءها في الداخل والخارج
الأحد ٢٠٢٣/٤/٢
صحيفة الانتباهة