تصاعدت الأحداث المُثيرة ضد تجسيد شخصية “رجل دين فاسد” بمسلسل رمضاني بالسودان على وقع هجوم شرس بعدة محاور، بينها هجوم ضار لبعض أئمة المساجد خلال خطب الجمعة. كما احتدمت معارك حامية الوطيس بالساعات الماضية بين مناصري المسلسل والمطالبين بإيقافه.
شبح الإيقاف!
في الأثناء، يطارد شبح الإيقاف، مسلسل “ود المك” المُثير للجدل بعد اعتذار مفاجئ عن بث الحلقة التاسعة أمس الجمعة، إذ لم تبث الحلقة سواءً على شاشات قنوات فضائية سودانية أو على منصات التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار. ولم يخف متابعو المسلسل خشيتهم أن يؤدي الهجوم المتصاعد والضغوط المختلفة لتعطيل بث الحلقات المتبقية.
ونشر مصعب عمر الشهير بـ”زول سغيل” بطل ومنتج مسلسل “ود المك” على صفحته الشخصية بفيسبوك أمس الجمعة اعتذاراً عن بث الحلقة التاسعة للمسلسل قائلاً “نعتذر عن بث الحلقة لأسباب خارج عن إرادتنا”.
في المُقابل، كتبت مدير عام قناة البلد الفضائية السودانية فاطمة الصادق على صفحتها بفيسبوك أمس الجمعة: “بخصوص حلقة اليوم – أمس – وبعد اتصال مع المخرج هيثم الأمين، طلب من القناة إعادة حلقة امبارح لعدم جاهزية حلقة اليوم”. والمعروف أن قناة البلد إحدى القنوات السودانية التي تعرض حلقات المسلسل على شاشاتها.
هجوم منابر الجمعة!
مصادر موثوقة، أكدت لـ”العربية.نت” رصد عشرة منابر بخطبة أمس الجمعة- على الأقل – وجّهوا انتقادات مقذعة ضد صناع المسلسل وشخصية شيخ الرفاعي وهو رجل دين فاسد بالمسلسل المذكور قام بتجسيدها الممثل السوداني القدير صلاح أحمد على وجه الخصوص. وطالب أحد الأئمة، الأسر بمنع أولادهم من مشاهدة تلك الأعمال حسب تعبيره.
بلاغات جنائية!
وتناقل مرتادو مواقع التواصل بالسودان، أحاديث شتى عن تدوين بلاغات جنائية بالنيابة ضد صناع المسلسل. إلا أن مصادر قانونية تحدثت لـ”العربية.نت” تعليقا على هذا الأمر أن تلك البلاغات- إن صحت – مجرد فزاعة لتخويف صناع المسلسل ودفعهم لإيقافه. إذ لايوجد نص قانوني يجرمهم.
في السياق كشفت مصادر موثوقة لـ”العربية.نت” أن الدوائر الكارهة لهذا المسلسل بدأت بالفعل في وضع العراقيل وممارسة ضغوط رهيبة ضد صناع المسلسل لإيقاف بث الحلقات المتبقية، المفترض أن يستمر عرضها طيلة أيام شهر رمضان الحالي.
10 ملايين مشاهدة!!
إلا أن العراقيل المباغتة لم تفت في عضد المسلسل المثير للجدل، ولم تكن خصماً على نسبة متابعته، وعلى العكس تماماً، تحولت تلك العراقيل إلى طاقة جبارة، دفعت بالمسلسل إلى الأمام وحصد معدلات مشاهدة قياسية غير مسبوقة وصلت إلى عشرة ملايين مشاهدة سواءًا بالقنوات الفضائية أو على منصات التواصل الاجتماعي وسرت مقاطع فيديو للمسلسل كالنار في الهشيم بمنصة تيك توك وفيسبوك.
كما شهدت الساعات الماضية، احتدام معركة حامية الوطيس بين مناصري المسلسل والمطالبين بإيقافه. وقابل المناصرون، الحملة الشعواء ضد المسلسل بالاستهجان الشديد مؤكدين أن شخصية “شيخ الرفاعي” موجودة بمجتعاتنا ولاينكر تلك الحقيقة سوى مكابر، وأن تجسيد شخصية رجل دين فاسدة دراميا لا يعني استهداف لرجال الدين أو المتدينين عامة.
المناصرون استدعوا كماً ضخماً من التعابير التهكمية والغاضبة ضد من وصفوهم بعلماء السلطان ولم يتوقفوا عند ذلك الحد، حيث أعادوا نشر صور وأخبار بكثافة، لانتهاكات ومخالفات، وجرائم ارتكبها أولئك الشيوخ طيلة الأعوام التي سبقت الثورة الشعبية ضد نظام البشير.
الصورة اهتزت
واهتزت صورة رجال الدين بطريقة مريعة، خلال الثلاثين عاماً الماضية إبان حكم الإسلاميين تحت قيادة الرئيس المخلوع عمر البشير الذي أطاحت ثورة ديسمبر 2018 به وبحكمه.
وأسهمت حظوة رجال دين بعينهم من أنصار النظام البائد، بجانب النفوذ القوي والسطوة الكبيرة التي تمتعوا فيها طيلة سنوات حكم الإسلاميين بالسودان في تضعضع صورة رجال الدين عامة، إذ لم تعد تلك الصورة الزاهية التي طالما قوبلت بالاحترام والتوقير لدى السودانيين. “وزاد الطين بلّة” وضاعف الهجوم الشرس ضد المسلسل وشيخ الرفاعي، عملية الربط التلقائية لدى طيف واسع من السودانيين بين صورة “شيخ الرفاعي” ونمط من رجال الدين من أنصار البشير، سيما أولئك رجال الدين، أو الشيوخ المتهافتين الذين كانوا يصفون – حينها – بعلماء السلطان، سخرية وتهكماً.
العربية نت