انعقدت أمس أهم ورش الاتفاق الإطاري؛ الاتفاق الذي جمع بين العسكريين ومجموعة أحزاب (مركزي التغيير)؛ وحكومة الإطاري المتوقعة – كما يعلم السودانيون – هي حكومة جمعت بين عسكر ومدنيين.. لكنها لا تمثل (الأغلبية) بين اهل السودان؛ ووجدت بالمقابل سنداً دولياً لم تجده حكومة حمدوك الأولى.
الاصلاح الأمني نبعت أهميته لأنه يضع الأساس الذي يقوم عليه (دمج الجيوش والمليشيات المسلحة في الجيش القومي الواحد).. ومن بين هذه القوات (الدعم السريع – وحركات سلام جوبا المشاركة اليوم في الحكم بأنصبتها المعروفة.. بعض حركات جوبا قبلت بالاطاري؛ ورفضته (الكتلة الاكبر)؛ وهي الكتلة الديمقراطية.. ولم تفلح معها كل وساطات الشركاء والخواجات.. وهنا بيت القصيد.. فكيف لحركات رافضة للاتفاق ولم توقع عليه أن تكون خاضعة لسلطانه بالدمج واعادة تقسيم السلطة والثروة والاصلاح من جديد؟؟
خطاب البرهان أمام الورشة يمكن ان نلتقط منه عبارة (الجيش يجب أن يكون تحت امرة سلطة مدنية منتخبة).. ثم نعرج لتأكيداته التي قال فيها: (إن الجيش ملتزم بعدم وقوفه حجر عثرة أمام اصلاح الدولة السودانية).. بماذا نخرج من هذه العبارات؟ وقد انطوى عليها خطاب قائد الجيش في ورشة الأمس؟
وفي خطاب حميدتي جاء الآتي: (عملية الإصلاح الأمني والعسكري ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية كجزء من إصلاح الدولة، ولذلك فالوصول للجيش الواحد هدفنا جميعاً، ونسير فيه بقناعة وفقاً للمسائل الفنية المتفق عليها، ومن الحكمة أن نضع الأساس لذلك على النحو التالي:أولاً: الإصلاح الأمني والعسكري، ليس نشاطاً سياسياً ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية، فهو عمل وطني مرتبط بالأهداف العليا للبلاد، قبلناه برضا ووعي كاملين، مستفيدين من التجارب الإنسانية في محيطنا الأفريقي والعربي والعالم).
بهذه العبارات يتضح ان قائدي الجيش والدعم السريع مؤمنين (تماماً) بعمليات الاصلاح الأمني والعسكري؛ وهي الخطوة الأولى في هذا الطريق .. والقول (عمليات الاصلاح الأمني والعسكري) بشكل مطلق فيه مجافاة للحقيقة.. اذ لا بد ان نفرق بين مصطلحين مصطلح (دمج القوات- واصلاح المؤسسة).. وفي الشق الاخير تنطوي المخاطر والتبعات الثقيلة.. فلا يختلف اثنان على الدمج الذي اقره اتفاق جوبا؛ وعملت به عدد من الدول في تجارب ناحجة كثيرة.. وهو يقوم على عمليات فنية يرتب لها وينظمها وتقودها لجان عسكرية فنية لها تجارب عميقة في هذا الجانب.. اما موضوع (اصلاح المؤسسة العسكرية).. والتي ينادي البعض بأنها تحتاج لاصلاحات عميقة.. هنا يكمن الخلاف ؛ ويتنامى الصراع؛ وعمليات الاصلاح يمكن ان تشمل احالة مئات من الضابط رفيعي المستوى للمعاش بحجة أن الأسماء وردت في تقارير وكشوفات الجهة المنافسة.. والعكس صحيح؟؟ فهذا لا يقود لاصلاح ويعمق الخلافات ويزيد الفجوات؛ ويؤدي في النهاية للخراب وليس الاصلاح.
الجملة التي قالها حميدتي حول عمليات الاصلاح – هي الفيصل- عندما قال : أولاً: الإصلاح الأمني والعسكري، ليس نشاطاً سياسياً ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية؛ ينبغي ان تكون هذه الجملة هي اساس الاصلاح؛ وان تبعد المعايير السياسية تماماً عن عمليات الاصلاح.. هذا اذا اردنا جيشاً متماسكاً لا نزيد من فرص انهياره.
صحيفة الانتباهة