الهند تحافظ على “الشريك الأفضل” في القمة الافريقية

شهدت القمة الافريقية 36 في أديس ابابا، وكانت قمة عادية في اسمها وحقيقتها، إذ لم تصدر منها قرارات كبيرة ولا مهمة.

ربما كان التأكيد على مؤتمر المصالحة الليبي تحت رعاية الاتحاد الافريقي هو الحدث الأهم والذي حسم جدلا كثيفا متطاولا، وكانت مشاركة عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الانتقالي الليبي مشاركة واقعية وناجحة.
غير ذلك، انتظرنا اعادة الدول المعلقة وكنا نعلم أنها لن تعود بسبب الشد والجذب الخارجي، والشركاء غير الجادين لافريقيا.
الذي يمكن الحديث عنه بخصوص القمة هو المشاركة الخارجية الضخمة، والتنافس الحاد على أفريقيا، ومن واقع حضور (الشركاء المتشاكسون) الصين وروسيا وامريكا والدول الأوربية وغيرهم أكاد اقول أن ما حدث كان شكل من أشكال الحرب الديبلوماسية المكتومة والتي تعتبر امتدادا لحرب حقيقية في افريقيا بينهم.
هنالك دولة كانت هادئة ومطمئنة في هذا التنافس المحموم والذي تحركه المطامع والدوافع الاستعمارية، دولة من (العشرين الكبار) في اقتصاديات العالم، وتحتضن قمة العشرين G-20 لهذا العام 2023.
الهند، صديقة أفريقيا منذ زمن التحرير ضد الاستعمار، وملهمة ,نيلسون مانديلا في نضاله في جنوب افريقيا والذي صار به المهاتما غاندي الأفريقي، والرمز الأكبر المتفق عليه.
الهند لا تطمع في تحويل افريقيا دولة مستوردة للسلاح، ولا ترغب في ادخالها في مصيدة ديون، ولا ترغب ان ترتكب أخطاء أوربا الاستعمارية، لأنها دولة مثلها مثل الأفارقة رزحت تحت الاحتلال ثم قادت نضالها السلمي الحضاري حتى أخرجت المستعمر وتحولت الى قائدة لمعسكر التحرير ولدول عدم الانحياز.
على بعد ساعة ونصف جنوب أديس مقر القمة هنالك نموذج لمصنع واحد للنسيج يمتلكه رجل الاعمال راجي كانوريا، تدور عجلات المصنع ويضم عمالة اثيوبية قرابة ألفي شخص، وهنا في القمة الافريقية يدور الجدل العقيم حول صراعات التكالب على أفريقيا.
هذا هو الفرق، علاقة مؤسسة على الانتاج والقطاع الخاص، والازدهار، بينما علاقات أخرى تقوم على (تأليف قلوب وجيوب) الحكومات لتشييد بنى تحتية بالديون.
نعم صحيح، الهند ليست الشريك التجاري الاول لافريقيا، هي الثالث أو الرابع، وهذه أيضا خانة متقدمة، حيث تضاعف التبادل التجاري الهندي الافريقي أربعة اضعاف خلال عقد من الزمان، ولو استمرت وتيرة الزيادة ستصبح الهند الشريك الثاني خلال خمس سنوات.
نقطتي هنا ليست في الترتيب في قائمة الشركاء إنما في جدوى وفوائد ومكاسب الشراكة.
لدي ترتيب سابق في مقال حول ترتيب الشركاء بمقياس انتفاع القارة مع وجود إضرار أقل، وسردت في المقال لماذا جعلت في الرتبة الأولى الهند واليابان سويا، ولماذا تأخرت الدول التي ارتبطت علاقاتها مع افريقيا بقضايا حساسة مثل سوق الاسلحة.
الهند يا سادتي ليست مثل الدول التي ترى افريقيا مجرد (منجم ذهب) أو (سوق سلاح) أو مجرد مستودعات نفط يجب أن تكون مغلقة حتى تأذن الدول الغربية الكبرى بفتحها.
مضت القمة الافريقية كما هو متوقع، وانتهت كما هو متوقع، ولا جديد، الحقائق الموجودة قبل القمة هي الموجودة بعدها، والترتيب الذي وضعته لشركاء افريقيا في مقالي الستبق خرجت وأنا واثق انه سليم.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version