زهير السراج يكتب: من هم الاغبياء ؟!
* تحدثتُ بالامس عن عدم جدية العسكر في التنازل عن السلطة من واقع جرائمهم ومؤامراتهم وألاعيبهم التي ظلوا يمارسونها منذ سقوط النظام البائد في 11 ابريل، 2019، ومنها المسرحية التي تم تدشينها مؤخرا عن دمج الدعم السريع في الجيش وربطه بالانتقال الى الحكم المدني التي يُروِّج لها قادة الجيش وعلى رأسهم الفريق البرهان، فضلا عن مسرحية حلاوة ديمقراطية لمؤلفها ومخرجها الفريق (حميدتي) الذي صار يتغزل مؤخرا في الديمقراطية وضرورة نقل السلطة الى المدنيين، وكلا المسرحيتين تهدفان لسيطرة العسكر على السلطة، فالبرهان يسعى لتأجيل الاتفاق الاطاري أطول فترة ممكنة للبقاء على كرسي السلطة، وحميدتي يسعي لازاحة الجيش عن السلطة ليخلو له الجو فيكمل مساعيه للسيطرة على السلطة!
* وقبل ان يجف مداد المقال، خرج علينا الفريق البرهان أول أمس في مخاطبة جماهيرية محدودة بقرية (دار ود حامد) بولاية شمال كردفان مبرئا الجيش من القيام بالانقلابات العسكرية وموجها الاتهام للسياسييين، كما كرر حديثه الممجوج عن ضرورة مشاركة (الجميع) في العملية السياسية الهادفة لنزع فتيل الازمة المستمرة لقرابة عام ونصف، وهو يقصد بذلك ضرورة إشراك من يطلقون على انفسهم القوى الديمقراطية (الجبهة الثورية سابقا) أو حاضنة الموز التي دعمت انقلابه العسكري في 25 اكتوبر 2012 وسيطرت على إدارة كل شؤون الدولة مكافأة لها على دعمها للانقلاب الذي خجل البرهان من الإعتراف به وأسماه (الأزمة المستمرة لقرابة عام ونصف) ــ ولقد تعمدت وصف حديثه بالممجوج لأنه أول من يعلم أن ما تسمي (بالقوى الديمقراطية) أو الحاضنة الموزية لا تستطيع ولا تجرؤ على مقاطعة الاتفاق الاطاري بدون تحريض من حليفها العسكري الانقلابي وحلفائه الاقليميين، فلقد ظلت قوى الحرية والتغيير تتوسل ــ ولا تزال ــ للجبهة الثوريةللمشاركة في الاتفاق الإطاري، ولكنها ظلت ترفض، بغرض إفشال الاتفاق الإطاري وتحقيق مساعي حلفائها ومحرضيها للبقاء على كرسي السلطة!
* جاء في الخبر الذي نشرته صحيفتنا امس عن حديث البرهان ما يلي:
* “اتهم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القوى السياسية، بتدبير الانقلابات العسكرية في السودان، من خلال العمل وسط عناصرها بهدف الاستيلاء على السلطة.
وجدد تعهدات الجيش بمخرجات الاتفاق الإطاري والعملية السياسية الجارية، وعلى رأسها العودة إلى الثكنات، وتمرير السلطة للمدنيين، جازماً بوقوفهم على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
وطالب البرهان بعملية فرز بين السياسي والعسكري، من خلال توقف العسكر عن الحديث في الشأن السياسي، بالتوازي مع إجراء ترتبيات أمنية تحول دون امتلاك الأحزاب لأذرع عسكرية، واحتكار العنف في أيدي القوات النظامية، ما يُمكِّن الجيش من التفرغ لحماية الدستور والبلاد، ووصف القوات المسلحة بأنها صمام أمان السودان، متعهداً ببذل روحه قرباناً لتماسك الجيش، والحيلولة دون المساس باستقراره.
وفي سياق متصل، أهاب البرهان بالقوى السياسية باستصحاب الجميع في العملية السياسية الهادفة لنزع فتيل الأزمة المستمرة لقرابة عام ونصف، وقال: “ما دايرين انتقال فيه تنازع، فيه تشظي، فيه تشرذم”. ونبّه إلى أن الكرة حالياً في ملعب السياسيين، للعمل على استقرار البلاد، من خلال الاستماع للآخرين.وحذر من انهيار عملية الانتقال في حال إصرار بعض الأطراف على التمسك بالسلطة دوناً عن الباقين. وزاد: “والله هذا المسار إذا لم يستصحب القوى الرئيسة، وكل السودانيين سيتعثر قريباً ولن يستطيع أن يمضي”، وتابع: “هذه العملية السياسية إذا مشت مبتورة وعرجاء ستتعثر وتسقط ولن تمضي إلى الأمام” (إنتهى الخبر).
* ونتساءل: من الذي الغى المادة 5 من قانون قوات الدعم السريع التي كانت تضعها تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة في حالة الطوارئ والحرب وصدور قرار من رئيس الجمهورية (القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأعطاها الاستقلالية المطلقة؟!
* من الذي سمح للمليشيات المسلحة بالتناسل وتجنيد المواطنين وتوزيع الرتب العسكرية عليهم بدون حسيب او رقيب او قانون، واعاق تحقيق اتفاق التريبات الأمنية لاتفاق جوبا الذي يضمن دمجها في الجيش، وتركها تفعل ما تريد ؟!
* من الذي انقلب على السلطة الانتقالية في 25 اكتوبر، 2023 بالتعاون مع حاضنة الموز التي تحتكر شؤون الحكم الآن، وأشعل فتيل الأزمة المستمرة منذ عام ونصف التي يتحدث عنها البرهان؟!
* من الذي يرفض المشاركة في الاتفاق الإطاري ويعيق وحدة السياسيين التي يتحدث عنها البرهان ويحذر من أن الفترة الانتقالية ستكون عرضة للفشل إذا لم يشارك الجميع في العملية السياسية الجارية الآن؟!
* من الذي فعل ويفعل كل ذلك، وما هو الهدف .. أترك الإجابة للفريق البرهان حتى لا يعتقد أن الذين يتحدث إليهم ويخاطبهم أغبياء !
صحيفة الجريدة