أجابني بأسى، بكلمتين اختصرتا كل شيء وهو يقول: (أسوأ من السودان)
بالأمس عرجت على إحدى الصيدليات في وسط الخرطوم، لقيت طبيب صيدلي أجنبي يبدو في العقد الخامس من عمره أو يزيد.
بدأ بلحية مبعثرة، والرهق والعبوس يكسيان ملامح وجهه الفاتر البياض، من سحنته ولهجته عرفت أنه سوري الجنسية، بدر بيننا نقاش، بينما هو يعافر لتشغيل ماكينة دفع إلكتروني أمامه، سألته عن بلاد الشام وعن نعمها وخيراتها، وما كان يُروى عن بساتينها وفاكهتها اليانعة!
أطلق زفرة عميقة من صدره، ثم أجابني بأسى، بكلمتين اختصرتا كل شيء وهو يقول: (أسوأ من السودان)، عاجلته في دهشة بسؤال وهل يُعقل ذلك؟!
أجابني بحزم .. (نعم)، وأردف: الكهرباء تأتي لمدة ساعة واحدة في اليوم بعد أن تدمرت معظم المحطات بفعل الحرب، ونيران الأسعار تشتعل بضراوة في كل الاحتياجات في مقابل تدني الدخل أو قُل انعدامه!
لمست معاناتهم بالفعل وأنا أطالع إحصائية اليوم، بأن عدد طالبي اللجوء السوريين لدى دول الاتحاد الأوروبي في 2022، بلغ نحو 131 ألفا و700 طلب، وهو الرقم الأكبر عربيا وحتى دوليا، مقارنة بـ 5660 طلب لجوء للسودانيين!
الشاهد في الأمر “لاشىء يعدل الوطن”، و”لا يوجد شيء أسوأ وأمرّ من الحرب”، فكم من نعمـة اعتدنـا وجودهـا فنسينا شكرهـا.
محمد الطاهر