# في سودان الزراعة وعبارة سلة غذاء العالم والمتحققة فقط تمنّيًا وأقوالًا في قاعات المؤتمرات تحت هواء المكيفات الباردة والمكذوبة وعدًا وأفعالاً في مساحات الحقول.
# فتلك العبارة المستهلكة إنشائيًا في محافل الأكاذيب للاكتفاء العالمي بينما واقعنا يؤكد أننا فاشلون بل حتى عاجزون عن إنجازها ولو على مستويات الاكتفاء المحلية.
# لأن الزراعة عندنا محليًا وبدلًا من أن تقود إلى الثراء فهي تأخذ بأيدي المزارعين إلى الفقر ولا تكتفي بذلك بل تسعى لرميهم -وبلا شفقة وبلا رحمة- في غياهب السجون.
# ومصداق ذلك ما حدث في هذا الموسم والمبرهن على أن أقرب الطرق المؤكدة -في هذا البلد- لدخول زنازين السجن الممارسة للزراعة عامة والقمح والبصل خاصة.
محتوى مدفوع
الصناعات الدفاعية تشارك بمعرض “صنع في السودان”
# فما ينفقه المزارع فيها بدءًا من تحضير الأراضي وحراثتها ثم سقايتها وتسميدها ونظافتها والعناية بها إلى أن يصل وعبر محطات عديدة إلى قطف ثمار حصادها.
# فكل ما سبق من خطوات فيها يكلفه الأموال الطائلة وعند خروج ثماره للسوق فلا طائل منها إذ يجد نفسه -ولوحده- متورطًا في البيع بالخسارة ولعشرات المرات.
# مما يجعله يترك حصاده في حقله بلا حصاد لأنه وبأقل الحسابات يصل إلى أنه لا يستطيع تحصيل العُشر فيما أنفقه عليها ناهيك عن التفكير في جني الأرباح.
# والدليل عند المشاهدة لأحد “الفيديوهات” لمزارع وهو في وسط غابات سنابل قمحه الصفراء المنتجة لكنه ليس فرحًا بها وإنما يصب جام غضبه على وزير المالية.
# وذلك عند استعراضه السريع للأسعار العالية والغالية لزراعته تلك بينما الآن مثلًا سعر جوال القمح الواحد في السوق لا يتجاوز بالجديد مبلغ الــ (22) ألفًا من الجنيهات.
# ويضيف حتى البصل المزروع في ذات الحقل -وعليه كان “العشم”- هو مكلف جدًا في حين أن سعر جواله وفي السوق أيضًا يصل فقط إلى حوالي الــ (7) ألف جنيهًا.
# وأخيرًا ومن “الزعل” الشديد لانعدام أسعار تركيزية مشجعة من الدولة للزراعة يُلوّح بكلتا يديه ويغادر حقله غاضبًا وهو يردد: “أكان الشغلة كدا أها خليناها ليكم”.
# فبالله عليكم من المسؤول المستفيد من تردي هذا القطاع الاقتصادي الأول والمهم لدرجة إيصال الأيادي العاملة فيه إلى التنفيذ الفعلي للهجرة منه وإلى الأبد.
# وسيادة الدولة تقف “متفرجة” ومكتوفة الأيدي ولا تدعم المزارعين؛ فقط ما يهمها من زراعتهم استرداد مديونياتها وأخذ ضرائبها وزكاتها وإن لم تبلغا الأنصبة.
# بل هي مستعدة لتترك ظهور المزارعين مكشوفة لسياط السوق الخاسرة لتلهبها، وإن عجزت كل محصولاتهم عن سداد الديون لبنوكها تكون مكافأتها لهم بالسجن.
# وبمناسبة الذكر لمكافأة السجن فشر مثال يوضح ذلك وكم كنا لا نود إيراده ما حملته مضامين الأخبار البائسة والقائلة بأن معظم المزارعين في القضارف قد تم سجنهم.
# وإن كان هذا يحدث في “قضروف ود سعد” “قضارف الخير” صومعة ومطمورة البلاد الغذائية وذلك بإنتاجها للمحاصيل الناجحة من العيش والسمسم و الدخن و… و…
# فإن ساءت الزراعة في “القضارف” فعليها يمكن قياس السوء في بقية مناطق البلاد وباتجاهاتها الخمسة -إن جازت العبارة- شرقًا وغربًا ووسطًا وشمالًا وجنوبًا.
# وإن تواصلت الأمور على هذه الأحوال السيئة بعدم تشجيع الدولة للمزارعين بشراء محصولاتهم وتخفيض الضرائب فحتمًا سنصل قريبًا إلى مهالك الجوع.
# ولا غرابة في ذلك فإذا كنا عاجزين عن الاستفادة من الاستثمار لما هو في ظاهر أرضها فإنا لأكثر عجزًا عن الاستثمار لفوائد كل ثرواتها المدفونة في باطنها.
# أخيرًا وعلى ضوء وقائع الأحوال -المقلوبة رأسًا على عقب- فإنا نتساءل عليكم بالله هل من المفترض سجن المزارعين المنتجين أم البنوك وممثلي الدولة العاطلين؟!
# نعم سمعنا إجابتكم ولكم كل الشكر وأنتم تنطقون بالحقيقة ولقدرتكم بأن تقولوا بأن البغلة في الإبريق وأيضاً لمواجهتكم لها في عينها بأنها هي العوراء تقصيرًا.
# كما ندعو الله مخلصين بأن يولي علينا -عاجلًا لا آجلًا- من يصلح البلاد بسياسات تراعي مصلحة المواطنين المحكومين قبل مصالح القادة الحاكمين. آمين يا رب العالمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
صحيفة الانتباهة