وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم : أدوية السرطان المجانية تُهرَّب وتُباع خارج السودان

ضعف نظام المكافحة الروتيني السبب الرئيس في عودة الأوبئة

(151) مليون دولار دعم عالمي لمكافحة الايدز والدرن والملاريا

(80%) من الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة مستوردة

معظم الأجهزة بالمستشفيات لا تأتي وفق الاشتراطات ونحتاج لتدريب المهندسين والتخصصات الدقيقة

يعيش القطاع الصحي تدهوراً مريعاً على كافة الأصعدة والمستويات، نتيجة لضعف الميزانيات وغياب الاستراتيجيات، ومع انتشار الوبائيات أصبح الوضع أكثر سوءاً.

(الصيحة) وضعت جملة من الأسئلة أمام منضدة وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم، وخرجت بهذه الحصيلة.

معروف أن المستشفيات تعيش تحديات كبيرة ما تقييمك لها؟

التحديات التي تواجه المستشفيات والكوادر في السودان ضعف التمويل وزيادة الكلفة التشغيلية للمستشفيات وبالتالي أثَّرت على استقرار الكوادر وهجرتها للخارج وعدم القدرة على استيعابهم بشروط مجزية، وانسياب الأدوية بالصورة المطلوبة، ولكن لا يحدث الإغلاق بصورة كاملة، ويمكن أن تتأثر بعض الأقسام ببعض الكوادر وتقسيماتها، وبعضها تأثر بشح في بعض الأدوية، والاثنين نتيجة لعدم توفر المال اللازم، إلى جانب بعض الترتيبات الإدارية والمتابعات بين الولايات والوزارة الاتحادية والصندوق القومي للإمدادت الطبية في مسألة التوزيع والإيصال في الوقت المحدَّد، نتيجة لأنها قليلة كانت لا تصل في وقتها، وأن كانت الإمدادات الطبية ساعدت كثيرًا من المخازن الولائية لمعالجة ذلك الإشكال .

هل لما ذكرت السبب في تدني تقديم الخدمات بالمستشفيات؟

تقديم الخدمات بالمستشفيات شأن ولائي وهذه الولايات تحتاج لدعم وسند من قبل وزارات المالية لفتح وظائف وفرص للتشغيل وزيادة تمويل تشغيل المستشفيات .

هذا يقودنا لأوضاع الأطباء وتحسين أوضاعهم، أين الوزارة من ذلك؟

تحسين الهيكل الراتبي هو قضية عامة ليس الأطباء والكوادر الطبية والصحية فقط، في ظل زيادة أعباء المعيشة أصبح المقابل غير مجزٍ في الوزارات كافة والتي لديها ترتيبات لتحسين الهيكل الراتبي، ولكن تأثير ضعف الأجور يؤثر كثيراً على القطاع الصحي من خلال هجرة الكوادر، كما يؤثر في القدرة على الاستيعاب والتدريب -أيضاً- تكون ضعيفة، نسبة لضعف الرواتب .

من التحديات -أيضاً- زيادة عدد الخريجين لتوسع دائرة التعليم العالي، لذلك نحتاج لزيادة عدد المواعين وتحسين بيئة العمل لاستيعاب تلك الكوادر من فئة الامتياز ونواب الاختصاصيين، وبقية الكوادر.

خلال الفترة الماضية عادت بعض الأوبئة التي حاربتها الوزارة خلال الأعوام السابقة ماهي أسباب العودة مرة أخرى؟

السبب الأساسي ضعف نظام المكافحة الروتيني، وعلى سبيل المثال الملاريا وحمى الضنك تعتمد مكافحتهما على مكافحة الناقل، الذي يحتاج إلى مكافحة مستمرة طوال العام. في الولايات والمحليات كافة بنظام تفتيش ونظام مكافحة الأطوار ومسح حشري وتتبع، ونتيجة لتوقف تلك العمليات أدى في الخريف الماضي إلى انتشار كثيف للنواقل، مما أدى إلى انتشار الملاريا وحمى الضنك في عدد 12 ولاية، مما جعل هناك عبئاً كبيراً جداً في مكافحة الوباء بالبلاد والتدخلات كانت في فترة قصيرة جداً، والميزانيات قد تكون كافية، ولكن في العام 2022م، كان السودان تعرَّض لثمانية أوبئة في وقت واحد، ولكن عن طريق السند الاتحادي والعمل مع المنظمات الدولية والمحلية واستنفار القوات النظامية بأجهزتها ومعداتها أسهم في احتواء هذه الأمراض في الفترة الماضية بأقل الخسائر، ولكن لازالت الملاريا وحمى الضنك في حالة انتشار، وفي حاجة لعمل كبير جداً خاصة ولاية الخرطوم التي تتطلب جهوداً أكبر نسبة للكثافة السكانية .

وماذا عن غياب سياسات الرعاية الصحية الأولية؟

هذا الحديث غير صحيح، لأن السودان متقدِّم جداً في مجال السياسات الصحية والاستراتيجات، وخلال العام الماضي دشنا أحدث استراتيجية في مجال مكافحة الملاريا وهي من استراتجية العبء العالي تمت إجازتها من قبل منظمة الصحة العالمية والدعم العالمي، وتم وضع خطة لمدة عامين سوف ترفع خلال مايو المقبل لمجابهة الملاريا والايدز والدرن بمبلغ 151 مليون دولار، وهي من أكبر المبالغ التي سيتلقاها السودان خلال الفترة القادمة، لذلك ليس لدينا إشكالات من ناحية السياسات أو التخطيط. ولكن الإشكالية الكبيرة في المحليات والاستمرار في الأعمال الروتينية وأن لا يكون التدخل فقط عند وقوع الكوارث .

درجت الوزارة -أيضاً- في مكافحة مثل تلك الأوبئة بتوزيع الناموسيات المشبعة ولكن شابها الكثير من التحديات؟

السودان خلال العام الماضي نفَّذ أكبر مشروع لتوزيع الناموسيات المشبعة في أفريقيا والوطن العربي بتوزيع 18 مليون ناموسية، لمكافحة الملاريا وغيرها من النواقل بدعم كامل من الدعم العالمي، وتم تنفيذه بالكامل، وبالفعل هناك تحديات واجهته فيما يختص لعمليات الحصر وتحديات أمنية ورغم ذلك نسبة التوزيع تجاوزت 97% والتحدي الكبير هو استخدام هذه الناموسيات، لأن استخدامها ضعيف ونطمح أن يصل إلى 65% ليشكِّل حماية للمواطن .

حدثنا عن التحديات التي تواجه توفير الدواء وما هو الموقف الدوائي؟

أهم التحديات هي التمويل، السودان معظم الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة تستورد من الخارج وبالتالي تحتاج لعملة حرة وتحتاج إلى دولار، وتصل نسبة الأدوية المستوردة ما بين 70 إلى 80%، الحل الاستراتيجي تشجيع التصنيع الدوائي المحلي والصناعة التشاركية مع دول الخارج والتسهيلات من قبل الدولة لمجال التصنيع المحلي والتي ظهرت حاجتها خلال أزمة “كورونا”، حيث توقفت الدول عن الاستيراد، ولكن السودان استمر ولكن تظل التكلفة العالية للاستيراد الدواء والحاجة المستمرة لسداد مبالغ كبيرة لهذه الشركات حتى تضمن انسياب الدواء هي المشكلة الأساسية .

ألا ترى أن هناك تقصير من قبل المالية تجاه الصحة؟

هناك اجتهاد كبير من وزارة المالية لتحسين السياسات الدوائية ووضع الدواء أولوية بعد الفصل الأول في التمويل، ولكن كلنا نعلم حجم التمويل والوضع الاقتصادي للبلاد كانت ضعيفة حتى تضمن الانسياب بالرغم من ذلك تحسَّنت الوفرة الدوائية في العام الماضي حوالي 25 إلى 30% من الأدوية الأساسية وفي متوسط 50 إلى 60%خلال العام، ولم يشهد انقطاعات إلا في فترات قليلة وعادة تكون في طريقها للشحن وفي كثير من الأحيان يتم المعالجة عبر الشحن العاجل الجوي في حالة الطوارئ .

وماذا عن أدوية السرطان التي أصبحت تُهرَّب للسوق السوداء؟

أدوية السرطان تقع تحت إطار العلاج المجاني توفرها الدولة بمبالغ طائلة وتوزع عبر الإمدادات الطبية لمراكز العلاج والتي فاقت 10 مراكز بالسودان عبر المركز القومي للأورام، وللأسف يظهر السوق السوداء لسببين الأول سوء استغلال الحصة المحدَّدة ولأنه غالي الثمن يُهرَّب ويباع خارج السودان وهناك الكثير من التقارير الأمنية التي وصلت، فالأدوية المجانية تحتاج إلى رقابة، وضعاف النفوس يسعون إلى تهريبها خاصة أدوية السرطان وغسيل الكلى، أما الجانب الثاني يمكن في الأعداد الكبيرة التي تحتاج للدواء يجعل بعض الجهات تعمل على شراء وتهريبه، ونسعى مع الجهات الأمنية والرقابية للحد من تلك الظاهرة، وهناك حالات تم ضبطها وتسجيلها ويظل التهريب موجود أن لم تكن هناك آليات رقابة قوية على هذه القضية .

تعد مشكلة صيانة الأجهزة الطبية من الإشكالات التي تؤرِّق الوزارة خلال الأعوام الماضية هل تمت معالجتها؟

فعلاً، طفنا عدداً كبيراً من ولايات السودان وهناك أجهزة كثيرة موزعة بمستشفيات تلك الولايات، ولكن التشغيل ليس بالكفاءة المطلوبة والسبب هو كيفية الاستفادة القصوى منها وتشغيلها بالكوادر المدرَّبة والمؤهلة والإشراف عليها، والأجهزة التي تأتي عبر الإمدادات الطبية هي أقل إشكالية لأنها تأتي عبر الوكلاء، ولكن هناك أجهزة كثيرة جداً بالمستشفيات تم شراؤها عبر المجتمع المحلي أو عبر المغتربين أو الخيِّرين والمنظمات في هذه الحالات، الشراء لا يتم بمعايير، لذلك تكون هناك إشكالات في خدمات ما بعد البيع والصيانة، لذلك يصعب التعامل معها، لذلك نشدِّد على أن تأتي الأجهزة عبر الإمدادات الطبية لأنها توفرها باشتراطات محدَّدة وتضمن الصيانة والمعالجة، إضافة إلى الحاجة لتدريب المهندسين الطبيين وتخصصاتهم الدقيقة في هذه الولاية .

هناك حالة استنفار لمكافحة المخدرات من قبل الدولة ماهي سياسات الوزارة في ذلك؟

المخدرات هو وباء ويمضي في تزايد مستمر، الوزارة ضمن اللجنة القومية للدولة، ولدينا عمل في الصحة يتركز في تعزيز الصحة ونشر الرسالة التوعوية والوقاية وتقليل نسبة التعاطي، وجزء آخر يتعلَّق بمعالجة الضحايا، هناك عمل تم مع المجلس الاستشاري للأورام، وتم التواصل -أيضاً- مع عدد من الولايات مثل: الخرطوم وولايات الشرق لإدخال خدمات الصحة النفسية في إدخال متعاطي المخدرات ضمن مراكز الرعاية الصحية الأساسية، وكذلك السعي لإنشاء مراكز لعلاج الإدمان داخل مستشفيات الصحة النفسية،وتم وضع بروتوكول للعلاج سواءً بالقطاع العام أو الخاص.

وماذا عن تدريب المعالجين؟

بالفعل تم إرسال ثمانية أطباء لتلقي دراسات طبية بدولة ماليزيا والحصول على دبلوم في مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان وسوف تتم الاستفادة منهم في الإشراف على البروتوكولات والسياسات للعلاج في المراكز والمستشفيات .

دائماً ما تواجه المؤسسات مشكلات في المسوحات لمعالجة القضايا الصحية

المسوحات مكلفة جداً ونحتاج لها في كافة المؤسسات الصحية ودرجت الوزارة على عمل مسوحات صحية متكاملة بصورة ممتازة استفدنا منها في وضع استراتيجيات منها الانتقالية الحالية ومسوحات العام 2018 إلى 2019م، تم عمل استراتيجية المستشفيات والمؤسسات الصحية، وهناك مسح، والرعاية الصحية الأساسية تم العمل، منها الخارطة الصحية وطوارئ الحمل والولادة، وحالياً نعمل على حزمة الخدمات الأساسية وفق الخارطة الصحية .

حدثنا عن تحديات التأمين الصحي؟

التأمين الصحي يعتبر مموِّلاً أساسياً للصحة في السودان وهو مشروع استراتيجي قومي يجب المحافظة عليه وهو نظام تكافلي، وهو المنوط به تمويل الصحة بآلياتها كافة، لذلك لابد من استقرار تمويل التأمين الصحي وانسياب المبالغ المخصصة له، خاصة في العام السابق، تم اعتماد زيادة حصة التأمين الصحي، وفي حالة انسياب النسبة التي خصصت له من وقبل المالية سوف يكون له دور كبير في معالجة المشاكل الصحية واستقرار النظام الصحي، باعتباره الآلية الأساسية لتمويل النظام الصحي في السودان.

حوار- أم بلة النور
صحيفة الصيحة

Exit mobile version