قد ينظر للمريض أنه معافى، وذلك بسبب حركته وبسبب ممارسته لأكله وشربه وكذلك بسبب ممارسته لعمله.
قد لا يعرف المريض مريضا إذا كان هذا المريض يمارس حياته الطبيعية بالرغم من أن المرض مسيطر عليه من أعلى رأسه إلى أخمص قدمه.
أما حينما يصل المرض ذروته، فيظهر على شكله وعمله وأكله وشربه وحركته فحينئذ لا أحد يستطيع أن ينكر المرض على هذا الشخص.
لا أحد يستطيع أن يخفي المرض.
كل الناس تتفق على أن فلانا الله يشفيه.
لا يستطيع أحد من أقارب هذا المريض أن يقول للناس:
قريبي ليس مريضا.
كذلك هذه الملاسنات التي تنشرها الصحف لرموز يقال أنها سياسية.
هذه الملاسنات دلالة واضحة لإفلاس هذه الرموز ودلالة واضحة على كيسها (الفاضي).
فلا أحد بعد هذه الملاسنات يستطيع أن ينكر إفلاس هذه الرموز.
لا أحد يستطيع أن يقول أن هؤلاء الساسة لهم مضمون أو أدنى فكرة سياسية.
بالضبط مثل ذلك المريض الذي ظهر عليه المرض بحيث لا يستطيع أحد أن يخفيه.
تتلاسنون على ماذا ؟
على خيبتكم ؟
حقا الأزمة ليست فيكم.
الأزمة في هذا الشعب الذي لم يستطع إلى الآن أن يصنع له رموزا سياسية تقود وترعى هذا البلد.
لا شيء ينقص هذا البلد من الموارد.
ويا ليته نقصت موارده، واحتفظ لنفسه برموز لها الحد الأدنى من ممارسة العمل السياسي.
يا ليته احتفظ برموز سياسية لها قليل من الإمكانيات والقدرات.
إذ أن هؤلاء المفلسين ليس لهم ولو القليل من الإمكانيات.
فلو كان لديهم أقل القليل لما وصل معهم الحد إلى الملاسنة.
الوصول إلى الاشتباك بالألسن إزاء هذا الفراغ السياسي.
إزاء هذا الفقر السياسي دلالة قاطعة على أن هؤلاء الساسة الذين يتعاركون وسط هذه الأزمات حصيلتهم السياسية ليست فقط صفرية بل دون الصفر.
على ماذا تتلاسنون يا هيثم البرير ويا مريم الصادق المهدي؟
ماذا بقي لنا أن نكتشف عن صفات هذه الرموز بعد ملاسنتها فيما بينها.
هل من عشم أن يساهم هؤلاء في رأب الصدع القائم بين الفرقاء السياسيين؟
إن كانوا هم لا يستطيعون أن يسيطروا على أنفسهم، فكيف يجعلون الآخرين يسيطرون على أنفسهم؟!
هذه الملاسنات تغني كل من يريد أن يبحث عن دليل لفراغ وسخافة من يتصدر المشهد السياسي.
هذه الملاسنات تقطع أي أمل يمكن أن يرجى في أن يقدم هؤلاء حلا لما هو قائم من أزمات.
هؤلاء عاجزون عن حل أزمانتهم فيعبرون عن عجزهم بهذه الملاسنات التي يلقونها على بعضهم البعض.
فهل يرجى من ورائهم خير؟
فإن كان من يمارس السياسة بلا عقل، فليكن من تقع عليه هذه السياسة ومن يكتوي بها له عقل.
محجوب مدني محجوب
صحيفة الانتباهة