بخاري بشير يكتب: مرافعة لفشل النخبة وحصاد الهشيم!!

عندما اندلعت ثورة ديسمبر؛ واستطاعت أن تزيح نظام الانقاذ بعد ثلاثين عاما- وفي رواية أن نجاح الثورة ارتبطت بانحياز (الجيش والأمن والدعم السريع) لخيار الثورة- وفي (رواية أخرى) يحبها أنصار البشير- أن كل الحكاية (خيانة) من بعض خاصة البشير الذين جعلهم حماية لنظامه.. المهم كل هذه (التفسيرات) سيأتي وقت تكون فيه متاحة للباحثين وللعوام من الناس.. لأن ما نحسبه اليوم من الأسرار غدا يصبح بأبخس الأسعار.

نعود لموضوع -الثورة- بعد التغيير الكبير الذي حدث في السودان؛ وبالتحديد في مساء يوم 11 ابريل 2019 انطلقت شعارات الشباب الثائر المنادية بالحرية والسلام والعدالة؛ وتوسعت الأحلام ليصبح الوطن السوداني وطنا يسع الجميع؛ وتظلله رياح الديمقراطية؛ ومياهها العذبة.. هكذا جاءت أحلام الشباب الذي واجه البندقية في عهد البشير (البندقية الخرطوش كما قال قوش).. أحلام كان ينتظر الشباب أن يترجمها الساسة والنخب لأفعال (خالدة) تنتشل الوطن من براثن الخلاف وضيق الخصومة الى رحبة الديمقراطية وعدلها؛ وأن يأخذ كل صاحب حق حقه؛ لا ينقص مثقالا؛ وأن لا فضل لسوداني على آخر الا بحبه للبلد والتراب.

ماذا جنينا اليوم؟ بعد أربعة أعوام الا قليلا من التغيير؟.. هل تحققت أحلام الشباب وهتافات الثوار وشعاراتهم؟؟.. ابدا فقد حدث العكس تماما؛ وزادت شقة الخلافات بين المواطنين؛ وتنامى خطاب (العنصرية والكراهية) البغيض؛ وأصبحنا في كل يوم نحصد (قتيلا).. ثم ضاعت الأحلام أحلام (السلام والعدالة) وتحولت الى حروب وخصام؛ وبلادنا تجلس على فوهة تل من البارود؛ وكل عقلائها ينتظرون؛ وساستها وقادتها يتناحرون بالكلام؛ ولن تحصد النفوس الى حصائد تلك الألسن المتخاصمة.

لم تتحقق الحرية؛ ولم تتحقق رؤى السلام؛ ولم تتحقق العدالة في أبسط تجلياتها.. فشلنا أن نتبنى (أحلام) الشباب؛ وأمضت النخب المتصارعة في (اللاشئ) أربعة أعوام؛ وفشلت في أن وضع (اتفاقا) يقوم على الأغلبية؛ ومتوافق عليه؛ وصرنا نتغذى بالمبادرات التي بينها ما صنع الحداد؛ لا يرض زيد بعبيد؛ ولا يقبل سعد بسعيد.. وصرنا أغرب دولة يتناحر قادتها؛ ويحصد مواطنها السراب؛ وهو يجلس على أغنى موارد طبيعية في العالم؛ فقد دخلت بيننا أجندة المخابرات؛ وصارت تبتاع بضاعتنا في أسواقها الخاسرة.

أربعة أعوام؛ مضت من عمر الثورة السودانية ولم تزيد الفجوة بين الأطراف السودانية الا اتساعا؛ شكلنا حكومات متتالية؛ وتم حل بعضها بأيدينا؛ ونخبنا السياسية في صراعاتها خائضة؛ خلافات بين المدنيين والمدنيين وخلافات بين العسكر والعسكر؛ وتخوين وتخويف بين المدنيين والعسكر؛ وكل جهة تبغض كل جهة؛ كأنه لا تحملنا أرض السودان؛ ولا يظللنا سماؤه.. أربعة اعوام واستمرار النزيف.. وقد بلغت حالة المواطن الحلقوم.

كل الذي خرج لأجله الشباب الثائر من (شعارات)؛ قد ذهب أدراج الرياح؛ وقد أكلته نيران الحقد والحسد والعمالة.. لم نحصد من زرعنا غير الهشيم الذي تذروه الرياح.. وتفرقت بنا السبل.. وبتنا الى الحرب والفوضى أقرب.. اللهم نسألك ان تجمع كلمتنا وتهدي قادتنا الى سواء السبيل .. وأن يتركوا هذا الصراع العقيم.. ويلتفتوا الى ما يحتاجه الوطن والمواطن.. ليس ذلك على الله ببعيد.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version