والحديث / أستاذ/ لا يعني أننا نأمل في جدوى …. لا
نُحدِّث لأننا نسخة من الرجل التركي يوم الزلزال فالتركي هناك لما يرى طوابق بيته ركاماً يجعله الذهول يمسك بقطعة كبيرة من الزجاج الساقط ويظل يغسل القطعة هذه ويلمِّعها ويغسلها ويلمِّعها ..
وأنت أستاذ تتحدَّث عن المنطق وعن الصاح والغلط في ما يجري الآن في السودان وتصرخ عن الأشياء هذه الصاح والغلط وعن لماذا لا تعمل …
والمنطق والصاح والغلط / أستاذ/ أشياء تجدها الآن في المتحف على يمينك وأنت تدخل هناك …
محتوى مدفوع
“حميدتي” يصدر توجيهًا صارمًا للقوات النظامية
وحتى لا نُجادلك فإننا نُقدِّم إليك الصور …. الصور فقط دون حكم على شيء
صور السودان وكيف كان … والأهم من الصور هو ( الصور هذه لماذا كانت)
والصور لعلها تقول لك لماذا نحن بارکون ..
فالسودان /بالصور /كان هو …
و هو .. و هو ..
و في السودان كان ..
(كانت هناك الجلابية بيضا مكوية والعمامة السويسرية
والسجاير بنسون آند هيدجز وروثمان كنق سايز…. والجريدة في الأصابع معها ربما كتاب… ودائماً جديد به رائحة الطباعة
وكانت هناك المكتبات وماركيز و همنجواي وسولزجنتسين
وكان هناك إبراهومة وحسبو وقاقرين و شواطين …
وكان الأفندية يصلُّون العشاء في الجامع الكبير لأنه قريب من (أتينيه) فهناك البيرة الألمانية الرائعة
وكان هناك الطرحة بخمسة قروش و فيلم سيدتي الجميلة يعرض في عواصم العالم وفي سينما كوليزيوم
وكان هناك المحجوب والترابي وبوثديو
وكان هناك بحر الشعراء وصلاح يكتب (يا مريا)
والطالب في جامعة الخرطوم حين يبالغ ويلقي التحية على زميلته يسرع إلى الشلة ليقول لاهثاً
: لو شفت يا عُبد أخوك أتونس جنس ونسة ..!!
وكانت الفرق الأولى في أوروبا /حين تهرب من الشتاء هناك / تأتي إلى السودان لتصارع الهلال والمريخ ..
وكان … وكان …
وكانت هناك قرية آمنة مطمئنة …
وكان هناك الشيوعي (وحديثنا هذا عن السودان ولماذا خرب حديث نموذجه هو الشيوعي )
وفي الشيوعي الذي كان هناك … كان هناك عبد الخالق والجنيد وعبد الله علي إبراهيم وأحمد سليمان ….
وفي الشيوعي كان هناك نوع من الناس حين يختلف مع الرفاق يفعل ما فعلوه مع (…..) الرفيق الذي اختلف مع الحزب (جنَّنوه) أصابوه بالجنون فعلاً حتى مشى عرياناً
وكان هناك منهم من يجده أهل الدامر راقداً على وجهه في محراب يبكي بعنف … وبعدها يُسلِّم إصبعه لأولاد الخلوة ليمسكوا بإصبعه هذا ويعلِّمونه الحروف … ألف … باء .. تاء ..
الاغتسال من حياته بعد أن عاش الشيوعية يبلغ هذا وكان هناك من يجدونه يتأرجح من السقف وحبل حول عنقه
وفي الخلاف الشيوعي مع الآخرين كانت هناك الكتابات
والكتابات كانت صراعاً شهياً راقيا مثقفاً و .. و
حتى الخبائث التي يكشفها الصراع كانت راقية إلى درجة أن صلاح يجعل ما كتبه عن الرفيق أنانسي مُقدِّمة لديوانه و الكتابة كانت موجعة إلى درجة أن الحزب يلبد لصلاح… وما إن مات صلاح حتی حذفوا المقدِّمة تلك ..
والكتابات كانت بليغة إلى درجة أنه حين يقول صلاح عن رفيق إنه لا تزول الخبائث من روحه حتى تزول شلوخه عن وجهه
والرفيق يختفي …. و لعله بعدها لا ينظر أبداً في المرايا
…..
صراع إذن في السودان صراع رفاق و صراع حزبيين وصراع مثقَّفين يقودون المجتمع و .. و
وكله سليم
سليم بمعنى أنه كان (جراحاً نازفة) ..
لكن الجراح تلك لم تكن جراحاً متعفنة …. و لا كانت نوعاً من الجذام ..
والأسماء التي نشير إلى بعضها كانت شاهداً… شاهداً على المجتمع وعلى ما كان فيه …
كل هذا لنشير إلى شيء واحد وهو
أن المجتمع ما كان يقوده هو … الأخلاق …
ولنشير إلى … الشيوعي الآن
ولنقول نحن وكل الشواهد… إن الشيوعي الآن ليس هو الحزب الشيوعي السوداني….. السوداني…. السوداني) الذي عرفه السودان
وإن المجموعات التي تغلي الآن باسم الحزب الشيوعي لا هي حزب و لا هي الشيوعي
والمجموعات هذه كل حقيقتها هي أنها جماعات من الشباب الذي لأعوام لا يجد عملاً… وحقيقتها هي أنها تسوق هؤلاء الشباب بالأسلوب المعروف تماماً الآن و تفعل بهم ما تفعل
………
أستاذ
نلتقط الجهات في السودان واحدة بعد واحدة
ونُحدِّث عن لماذا أصبحت ما أصبحت
ونجعل الجهات هذه حروفاً نكتب بها وصف السودان الآن
وماذا …. ولماذا …
والحديث هذا كان هو حديثنا قبل عام…. في الثاني من مارس.
صحيفة الانتباهة