حين صعد أردول المنبر لمخاطبة الحشد الذي جمعه الناظر ترك من اهله وعشيرته وقبيلته وحضره جمع من (الشمشارين)، وبعد ان حملق وبحلق أردول في الحشد المصنوع ومسحه بعينيه، امتلأ زهوا وحبورا وكاد ان يقول مفاخرا (إنا والله نصلح للمعالي ونمشي مشيتنا ونتيه تيها ونعطي وزاراتنا لمن نبتغيه)، ولعله أيضا أراد أن يقول كما قال نافع علي نافع حبيس سجن كوبر الان والقيادي بالنظام البائد، ذات لحظة كِبْر وبطر، عبارته الشهيرة التي كشفت عن امتلاكهم البلاد حيازة خاصة يتصرفون فيها بمعرفتهم وكما يشاؤون، يعطون من يعطون ويمنعون من يمنعون، (من أراد أن يستنفع فعليه بالمؤتمر الوطني، ومن أراد أن يستوزر فعليه به أيضا)، فعلى ذات شاكلة نافع علي نافع وطريقته في الخم،
أوشك أردول ان يقول للمحتشدين البسطاء (من أراد ان يستنفع فعليه بالكتلة الديمقراطية، ومن أراد ان يستوزر فعليه بها ايضا)، اذ قال انهم بصدد تشكيل حكومة الكتلة الديمقراطية، وزاد بلهجة دارجة (حكومة بتاعنا) لتأكيد انه يتحدث بصفته من أبناء النوبة، ولكي يمني حشد البسطاء الأماني الخلب ويبيعهم الوهم السراب، منح أردول الناظر ترك رفيقه في الكتلة ليس فقط منصبا سياديا في حكومته المزعومة، بل وضع في يده قلم التعيينات والمنح والعطايا والمكرمات والكريات، حيث قال(الناظر دا هو نائب رئيس الكتلة و لما يمسك القلم ما بظلم احد)..
وبالطبع لم ينس أردول كي يستقطب جماهير الشرق، من التباكي على حالهم، معددا مظاهر التهميش التي يعانيها شرق السودان وانسانه، فمضى يحدثهم عن ما يعلمونه أكثر منه، وهل يحدث الجائع عن جوع بطنه، انما هي المزايدة والاستهبال، فانسان الشرق لا حاجة له بمن يحدثه عن عدم وجود الخدمات الحكومية، من كهرباء وماء وطرق و اتصالات وانترنت التي ذكرها أردول، فقضية الشرق أعمق وأعقد من ذلك، وعندما انتشى البسطاء من هذه الدغدغة وهتفوا له، تحمش وانتفخ وشالته الهاشمية، فعرج على فولكر وطالب بطرده والاتفاق الاطاري وصب عليه جام غضبه..المهم ان أردول كشف بما قاله في تلك المخاطبة عن تشكيل حكومة مؤلفة من قيادات كتلته الديمقراطية، ولم يكشف عن أي اسم آخر في حكومته المزعومة سوى الناظر ترك الذي منحه منصبا سياديا مهما، ولم يفصح عن البقية حتى موقعه هو فيها، ولكن السؤال المهم جدا الذي عن لنا ان نسأل أردول عنه، هو ما اذا كانت حكومته هذه، هي نفسها الحكومة التي قال عنها ان أي حكومة تشكل لن ترضى عنها مصر لن تستمر، أم هي حكومة اخرى، كان ذلك في لقاء شهير معه بقناة الجزيرة أجراه معه مذيع الجزيرة أحمد طه، وعندما اندهش المذيع من هذا التصريح الذي ينضح بالعمالة ويمس السيادة السودانية، وحاصره بالاسئلة الاستنكارية التي جعلت حاله يصبح مثل حال السراق يوم القيامة كما يقول السودانيون في مثل حال اردول مع المذيع، لم يجد اردول ما يقوله للمذيع بعد ان تعصب وفقد المنطق، غير ان يقول للمذيع ليس من حقك التعليق على ما أقول. أنا سياسي وأنت صحفي. أنت تسأل فقط وأنا أجاوب. وبئس السياسي وتعست الاجابة..
صحيفة الجريدة