أول أمس تلقيت مكالمة من الأخ والصديق بكري علي، كان صوته مشحوناً بالتفاؤل، كدأبه في التعامل مع الابتلاءات، قال إنه توكل على الله وسيجري العملية لإيناس، العملية سيجريها الدكتور المصري هاني عبد الجواد، أما إيناس فمعاناتها غريبة، ظهرها مقوساً، ولا تستطيع الوقوف، كأنها في حالة ركوع دائم لربها،
حالتها نادرة جداً، لدرجة لم تثبت من قبل في السجل الطبي تقريبًا، و كان القرار الجراحي فيها صعب، على الطبيب وعلى أسرتها أيضاً، بكري والد إيناس قال للطبيب يوم العملية ” عاوزين نصلي الفجر جماعة في غرفة إيناس”، ويبدو أن بكري عود أسرته على الصلاة جماعة، وقد طلب من أصحابه في مكة والمدينة والقدس وفي كل المكان الدعاء لشفاء صغيرته، وأن تقوم شامخة بفضل الله،
استغرقت العملية نحو ست ساعات، كانت تغالبهم الدموع، يا رب تقف على قدميها وتذهب إلى المدرسة مثل بقية البنات، حالة من الترقب، وهاتف بكري لا يتوقف، اختلط الأمل بالألم، قبل أن تغيب الفتاة تحت جرعة البنج، قال لها الطبيب ” أمنيتي يا إيناس أن نصلي مرة ثانية في هذه الغرفة ونلتقط لك صورة وإنت واقفة”، يالها من لحظات عصيبة،
يظن الإنسان أنه تعيس وغير محظوظ، وهو سليم يمشي ويضحك ويأكل ويشرب ويذهب إلى الحمام ثم ينام ويحلم، آمن في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه، وينسى أن يشكر الله على هذه النعم، أخيرًا حانت اللحظات المنتظرة، استيقظت إيناس مع صوت الأذان، والعيون متحلقة فيها، والطبيب يحاول مساعدتها للنهوض، فتنهض، ثم تمشي، والجميع غير مصدق، كل هذا بعون الله وبفضله، وبجهد هذا الجراح المتميز البارع.
عزمي عبد الرازق
-
-
-
-
-
-
-
-
