محمد عبد الماجد يكتب: نحن بخير وصحة جيدة

(1)
 من أسباب أزماتنا الحالية ومشاكلنا التي لا تنتهي (الطاقة السلبية) التي تجدها من كل شخص ونروج لها بصورة كبيرة ومستمرة وكأن لنا نسبة أرباح في انتشارها .. لا أحد أصبح يمكن أن يمنحك (طاقة إيجابية) .. كلهم أصبحوا (مولدات) للطاقة السلبية والإحباط والبؤس ، وهذا من تدبير النظام البائد .. ومن هنا تكمن الخطورة .. الطاقة السلبية أزمة بلد وهي التى تقعدنا وتجعلنا لا نتقدم ولا نتطور رغم الإمكانيات التي نمتلكها على مستوى الثروات الطبيعية والبشرية.
 لا أخاف على السودان من شيء بقدر خوفي عليه من (الإحباط) ، هذا هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يهزمنا ويمكن أن يجعلنا نتراجع.
 لا تتخلوا عن احلامكم .. لو لم تملكوا غيرها لكفانا ذلك.
 احلموا بغد مشرق .. ليس مطلوباً منكم لأجل ذلك غير أن تحلموا لأن الغد المشرق يبدأ بحلم .. لا يبدأ بـ (لوري طوب).
 اليوم لا نملك غير الحلم.. وفي الغد نملك الكثير .. نملك كل شيء.
(2)
 في مواقع التواصل الاجتماعي نحن لا ننشر غير الأشياء السيئة .. الأشياء المرتبطة بالحزن والانكسارات والإحباط.
 في مواقع التواصل الاجتماعي نتحدث عن سرقات وعن حوادث غريبة وندعو بقصد أو بدون قصد دائماً لأن نتخلى عن شهامتنا ومروءتنا وكرمنا لأن النماذج التي نقدمها على مواقع التواصل الاجتماعي نماذج تدعو إلى أن تفقد الثقة في الجميع – حتى أسرتك عليك أن تفقد الثقة فيها.. كل ما يقدم عن الأسرة السودانية الممتدة ..(ابن يقتل والده وزوجة تخون زوجها .. وزوج يقتل زوجته في شهر العسل) ، رغم أن النماذج المشرفة والكريمة والجميلة كثيرة لكن لا نتوقف عندها… نحن نقدم البؤس فقط .. كأننا تعاقدنا معه على ذلك أو كأنه يمنحنا نسبةً في (الإعلان) عند الترويج له على صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي .. ولا عجب من ذلك ، هذا الأمر حقيقي لأن التعليقات والإعجابات والمشاركات (الكومنتات واللايك والشير) تحدث فقط في المنشورات التي تعنى بهذا الجانب السلبي وتقدمه للناس.
 هنالك حملة قوية ومنظمة ومرتبة على المجتمع السوداني عبر وسائط التواصل الاجتماعي التي تبدو كأنها جاءت لهدم نسيجنا الاجتماعي .. نحن فقدنا ترابطنا الاجتماعي بسبب مواقع التواصل الاجتماعي .. ونكاد أن نفقد ترابطنا الأسري ..لأن الأسرة في البيت الواحد أصبحت لا تلتقي إلّا في (قروب) العائلة.
 كل المكالمات الهاتفية التى تستقبلها من الصباح وحتى نهاية اليوم مكالمات عبارة عن عرضحالات وشكاوى وانتقادات وقطيعة في الناس… نحن نشكو من كل شيء من السوق ومن المرتب ومن الشغل ومن البيت ومن الكهرباء ومن المواصلات.
 التلفونات موصل جيد للطاقة السلبية.
 الذي يثنى على نعمه ويحمد الله على ذلك يخشى من أن يحسدوه في ذلك ، أو يخشى من أن يطلبوا منه (سلف).
 إن لم تملكوا غير الصحة والعافية أحمدوا الله عليها فهي أغلى نعمة .. وإن فقدتموها فهي ابتلاء وامتحان واجب الصبر عليه.
(3)
 الواضح أن الحياة كلما أصبحت سهلة وتطور العالم في التكنولوجيا والتقنية تعقدت حياتنا أكثر – حتى أمراض القلب والدم والجلطات الدماغية والسمنة زادت بسبب الاعتماد على التكنولوجيا في كل تحركاتنا لنجمد خلايانا فتصاب بالخمول والسرطان والجلطات.
 أصبحنا لا نبذل أي مجهود .. لذلك نحول طاقتنا كلها في الشكاوى ونهدرها في متابعة الناس والحديث عنهم.
 الطاقة الخاملة تتحول إلى طاقة سالبة وإلى نظرة سوداء للحياة.
 في خطاباتنا القديمة – لاحظت أن كل المرسلين وهم في أماكن نائية وبعيدة كانوا يحمدون الله وينهون جواباتهم بعبارة ثابتة وخالدة (نحن بخير وصحة جيدة) حتى وهم في أصعب حال وإن كانوا في غرفة العناية المركزة .. لا أحد كان يشكو .. الآن الشكوى أصبحت (حرفة) وهي طريقة ووسيلة لجلب الدعم والعطف والعون.
 قادني إلى هذا الكلام تحرك (الفلول) في هذا الجانب .. ما وجدتهم إلّا وهم يشكون من البلد والحال بعد النعيم الذي فقدوه.

عندما أقابل (كوزاً) يسألني دائماً : (البلد دي ماشة وين)؟ .. وعندما أهاتف أحدهم من الخارج يقول : (عايشين كيف في الأوضاع دي)؟ ونحن بحمد الله في نعمة كبيرة .. أقول له الأوضاع تمام والغد مشرق ، فلا يعجبه كلامي هذا لأنه ينتظر منى الشكوى والإعلان عن الجحيم والمعاناة.
 وحقيقة البلد في نعيم ونحن على أحسن حال .. هذه المعاناة سوف تقودنا إلى ما نصبو إليه .. علينا أن ندفع فواتير الخلاص.

 نحن سعداء بما فيه الآن .. لن تهزمونا .. ولن نتخلى عن أحلامنا وآمالنا ولن نجعل الإحباط يتغلب علينا.
 إن لم يكن لنا نصيب فيما نحلم به .. سوف يكون للجيل القادم وطن يسع الجميع (حدادي مدادي) يحققون فيها ما عجزنا نحن عن تحقيقه لهم.
 (وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي وطن مالك زمام أمرو ومتوهج لهب جمرو) هذا الأمر سوف نحققه بالإرادة والعزيمة لا بالهزيمة والإحباط.
(4)

بغم
 لا شيء يقلق الفلول والكيزان غير (نحن بخير وصحة جيدة).
 ونحن فعلاً كذلك.
 وكل الطرق تؤدي إلى (المدنية).

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version