منى أبوزيد تكتب : في الإصرار والترصد..!

“إذا شكّكت فافعل”.. أوليفر هولمز..!

(1)

لبنات جنسي منطقٌ غريبٌ في النظر إلى مفهوم الخيانة، منطق يعتبر مجرد الشروع في الفعل جريمة مكتملة الأركان حيناً، بينما يعتبر حدوث ذات الفعل ذنباً مغفوراً في أحايين.. فالخيانة بمنظور النساء مسألة معقدة، لا تقتصر على تجاوزات الحواس الخمس. تلك الفلسفة الأنثوية التي تتكئ على مبدأ سبق الإصرار والترصُّد تعتبر تجاوزات الجسد أوهى أنواع الخيانة. ولأن أغلب النزوات لا تقع مع سبق الإصرار، تلوذ معظم الزوجات بالغفران..!

(2)

هنالك أمران لا يشملهما عفو المرأة، أن يصدر عن رجلها قول أو فعل يُنبئ عن استعداده للتخلي عنها أو أن يتزوّج رجلها أو يشرع – حتى – في طقوس الزواج من أخرى. وعلى الرغم من كون النزوة خيانة بتعريف الدين والأخلاق، إلّا أنّ المرأة تغفرها لعدم توافر سبق الإصرار فيها. بينما ترى في نية التأبيد التي تقوم عليها فكرة الزواج من ثانية، الوجه الآخر لمعنى الإصرار والترصد..!

(3)

الضرة “الرسمية” تلك الغريمة التي تستمد موجبات التضرر منها بعقد شرعي – ممهور بتوقيع رجل دين وشاهدين، في استفادة حرفيَّة هامش الحلال المتمثل في حق التعدد – تختلف تماماً وجهة نظر الزوجة عن تلك التي تسرق قلب رجلها في الخفاء. ومبعث الضرر هنا ليس كونها تتغوّل على قلبه وتقتسم معها جيبه فقط، بل كونها – وهذا هو الأهم – تزاحم المتضررة على موقعها بجانب النصف المستلب على مقعد الإشهار والصفة الاجتماعية..!

(4)

موت الشغف هو الذي (يمنطق) الكثير من الغرائب التي تطرأ على سلوك الشركاء وتجعل الناس يضربون كفاً بكف، وهو الذي يفسر خيانة الأزواج لزوجاتهم مع نساء أقل جمالاً ودلالاً وجاذبية. هو الذي يجعل اللهفة تنتحر والأشواق تصير سماداً لبذور الشقاق والعزوف والزهد والعداء والمكابرة. موت الشغف هو هاجس الزوجة الأكبر، ربما لانعدام الخيار وربما لأن الإفراد في علاقات النساء المؤطرة هو نزوع فطري قبل أن يكون حكماً شرعياً، وربما لأن البداية من جديد تعني توحداً جديداً مع آخر غريب، الأمر الذي تفزع منه طبيعة المرأة..!

(5)

لماذا نبدو معشر النساء أقل تسامحاً مع رجالهن بعد اكتشافهن للزيجات السرية التي تنتهي تولد وتموت بلا إشهار، بينما يظهر تعنتنا الذي يقف على تخوم الكراهية عند اصطدامنا بواقع الزواج المعلن على الملأ؟. لأن المرأة – ببساطة – تتجمّل للمرأة و”تتبوبر” للمرأة، وتحيك المؤامرات نكاية في المرأة، وأخشى ما تخشاه هو لسان امرأة – مثلها – تلوك سيرتها بين بنات جنسها. أما ردود فعل الرجال فلا اعتبار حقيقي لها عندما يحمى وطيس معركة امرأتين تتنازعان على ملكية رجل..!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version