كنت في وقت سابق كتبت تحت عنوان (عودة ديجانقو)، وكتب آخرون، بعضهم تحت ذات العنوان، وبعضهم بعنوان آخر، عندما رصدوا عودة جهاز الأمن (صار إسمه جهاز المخابرات)، لممارسة ذات أفاعيله التي كان عليها خلال العهد البائد بعد انقلاب 25 اكتوبر، بعد أن أعاد إليه الانقلابيون سلطاته السابقة التي رفضها حتى متحاورو حوار الوثبة وألغوها في توصيات حوارهم، ولكن يبدو أن الانقلابيين انقاذيون أكثر من أهل الانقاذ المدحورة، فعمدوا الى اعادة الجهاز سيرته الأولى كما كان عند انشائه عام 2004، واليوم نكتب لرصدنا ممارسة جديدة لذات الجهاز، تعزز ما رصدناه سابقا حول عودته لممارسة سلطاته القمعية والمنعية الواسعة التي كان يتمتع بها خلال العهد البائد..
من هذه الممارسات تدخلاته في أداء بعض منظمات العمل الطوعي المهنية التي يختارها بعناية، مستهدفاً تعطيلها ومنعها عن العمل باصدار الأوامر لمفوضية العون الإنساني، وهذا ما حدث لمنظمة (موفز) الطوعية، حيث رفضت مفوضية العون الانساني إعادة تسجيلها بتوصية مما اسمته (جهات أمنية)، اعتراضاً على أنشطتهم في دعم أسر الشهداء، وآخرها مساهمتهم في شراء منزل لأسرة الشهيدة ست النفور أحمد بكار، ومنظمة موفز هي منظمة نسائية، تهتم بدعم قطاع الصحة، والمتأثرين من السيول والأمطار، ودعم الفقراء والأيتام، وفي افادة عبر رسالة خطتها مسؤولة بالمنظمة، إن مسؤولي العون الإنساني، أبلغوهم عقب مطالبات بإرفاق سلسلة طويلة من الأوراق والتقارير، بأنهم لن يجددوا ترخيص المنظمة بسبب اعتراض جهات أمنية. وقالت: تم إخبارنا بأن نكسب زمننا، ونرجع لمجموعة بدل منظمة، لأنه لن يتم تجديد اشتراك المنظمة بسبب تحفظ جهات أمنية، ولفتت إلى أن اعتراض الجهة الأمنية على أنشطة المنظمة تضمن دعمها لأسر الشهداء، ومساهمتها في شراء منزل لأسرة شهيدة قمع الانقلاب ست النفور. وإرتقت ست النفور في أحد أكثر أيام الانقلاب دموية، في 17 نوفمبر 2021 بمنطقة بحري، مع 15 من رفاقها. وأبانت المنظمة عن إخضاع قادتها للتحقيق والاستجواب المتكرر بشأن توجهاتهم السياسية، وسبب مساهمتهم في شراء منزل لأسرة ست النفور. ولفتت إلى إبلاغهم المسؤولين بشكل متكرر أن المنظمة مسجلة، ولا صلة لها بالسياسة، فيما دعمها لأسرة ست النفور، يجئ من باب كون الشهيدة هي العائل الأساسي لأسرة مكونة من أبوين مسنين، يقع على عاتقهما مسؤولية أحفاد أبنة –أخرى- متوفية، مع رعاية أبن أكبر في السن يعاني من مشكلات عقلية. وأبانت المنظمة عن استمرارها في جهود إعادة قيدها، في مسعى للحاق بشهر رمضان المعظم، وتقديم العون لأكثر من ألف أسرة متعففة. وأهابت المنظمة بالسودانيين المشاركة في حملات الحقيبة الرمضانية من خلال حسابات قادتها الشخصية، لحين إنجلاء الأزمة. وتمارس سلطات الانقلاب تضييقاً على المنظمات المشاركة في أنشطة تتضمن علاج مصابي الثورة، ورعاية أسر الشهداء والمفقودين، في محاولة لإخراجها من المشهد، وزيادة العبء على أسر ضحايا القمع الأمني.. وهكذا عادت السلطات الامنية لممارسة ادوارها التسلطية السابقة، عندما كانت تتحكم حتى في التعيينات في مداخل الخدمة، ولم يكن أحد يحظى بوظيفة ولو كانت في درجة صغيرة الا من ترضى عنه وتوافق عليه سلطات الأمن، وعلى ذلك قس..
صحيفة الجريدة